فِي خَوَاصِّ أسْمَاْءِ اللهِ الحُسْنَى الشيخ الروحانى محمد سيد طنطاوى 00201223346354
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
فِي خَوَاصِّ أسْمَاْءِ اللهِ الحُسْنَى الشيخ الروحانى محمد سيد طنطاوى 00201223346354
فِي خَوَاصِّ أسْمَاْءِ اللهِ الحُسْنَى
وأَمَّا أَسْمَاؤُهُ تَعَالى: «اللهُ والإلَهُ والرَّبُّ» ، فَذِكرٌ جَليلٌ، وهُوَ ذِكرُ الأكابِر مِنَ الْمُوَلَّهِيْنَ، يَصلُحُ للمُرتاضينَ في الخَلَوات، يَستَأنِسونَ بِهِ في خَلَواتِهِم، ويُمِدُّهُمُ اللهُ تَعالى بِالأنوارِ اللّاهوتية وعَظَمَةِ الرُبوبِيَّة، فَيورِثُهُم ذَلِكَ ذُلّاً وانكِساراً وافتِقاراً واضطِراراً إلى مَوْلاهُم عَزَّ وَجَلَّ. هَذا لأَهلِ السُّلوك..
وأَمَّا أهلُ العامَّةِ فلا يَستَدِيْمُ أَحدُهُم عَلَى هَذا الذِكرِ إلَّا نَزَلَت عَلَيْهِ البَرَكَةُ والرَّحمة، وأَخَذَ اللهُ تَعالى بِناصِيَتِهِ إلى كُلِّ خِيْر، وحَجَبَهُ عَن كُلِّ سُوءٍ، فلا يَذكُرُهُ مَنْ عَظُمَ جَسَدُهُ وكَسُلَ عَنِ الحَرَكاتِ؛ إلَّا لَطُفَ جَسَدُهُ وروحُهُ وَوَجَدَ خِفَّة.
ومَن ناجى رَبَّهُ في اللّيل بَعدَ صَلاةِ رَكعَتَين ويَقول: «يا أللهُ، يا رَبُّ». ساعَةً زَمانِيَّةً، ظَهَرَ لَهُ نورٌ عَظيمٌ، وكَشَفَ اللهُ عَن بَصيرَةِ قَلْبِه، واستُجيبَ دُعاؤُهُ مِن أَمرِ الدُّنْيا والآخِرة.
ومَن كَتَبَ الأسماءَ الثَلاثَةَ، في مُرَبَّعٍ ، عَشَرَةً في عَشَرَةٍ، عِندَ حُلولِ الشَّمسِ في بُرجِ الحَمَلِ وحَمَلَه، أَعطاهُ اللهُ قُوَّةً يَقينِيَّة، وزِيادَةً في إيمانِه، وإخلاصاً في أَعمالِه. ولا يُعَلَّقُ عَلَى مُصابٍ إلَّا احتَرَقَ عارِضُهُ في الوَقْت، ولا عَلَى صاحِبِ حُمّى إلَّا بَرِئ.
ومَن داوَمَ عَلَى اسمِ «الله». بَعدَ جُوعٍ وسَهَر، أَطلَعَهُ اللهُ عَلَى مَكنونِ الغَيب، وجَعَلَهُ مِنَ المُقَرَّبين.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الرَّحْمَنُ الرَّحيمُ». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ، يَنزِلُ مِن مَدَدِهِما سِرُّ الرَّحْمَةِ والْخُشوعِ والتَّضَرُّعِ، يَصلُحانِ لِمَن غَلَبَت عَلَيْهِ القَسوَةُ والجَسارَةُ وعَدَمُ الرَأفَة، ويُبَدِّلُ اللهُ تَعالى هَذِهِ الخِصالَ بِضِدِّها، وتُطاعُ لَهُ سائِرُ العَوالِم، وتَنقادُ نَفْسُهُ إلى الطاعات. ومَن ذَكَرَهُما وهُوَ داخِلٌ عَلَى جَبّارٍ جائِرٍ ألقى اللهُ في قَلْبِهِ الرَأفَةَ والرَّحمَةَ للذاكِرِ والإحسانَ إليه، وكَفاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ شَرَّه، ومَنَحَهُ خَيرَه. ومَن وَفَّقَ حُروفَهُما مُكَسَّرَةً في مُرَبَّعٍ ثَمانِيَةً في ثَمانِيَةٍ في يَومِ الجُمُعَةِ ساعَةَ الزُهرَةِ وحَمَلَهُ مَعَه، لا يَراهُ أَحَدٌ إلَّا أَحَبَّهُ وأطاعَه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْمَلِكُ القُدُّوسُ». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ عَظيمان، يَصلُحانِ لِمَن كانَ خامِلَ الذِّكْر، وَضِيْعَ القَدْر، فَيُنْشَرُ ذِكْرُه، ويُرفَعُ قَدْرُهُ، ويَطْهُرُ باطِنهُ مِنَ الأدْنَاس.
ومَن داوَمَ عَلَى ذِكرِ اسمِهِ تَعَالى القُدّوس، أَذهَبَ اللهُ تَعَالى عَنهُ وَسواسَ الصَدر، وطَهَّرَ ظاهِرَهُ وباطِنَه، وأَنقَذَهُ مِن كُلِّ وَرطَة، وعَصَمَهُ بِفَضلِه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «السَّلامُ الْمُؤمِنُ». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ، يَصلُحانِ لِمَن غَلَبَ عَلَى قَلْبِهِ الرُعبُ والخَوف، خُصوصاً المسافِرونَ في القِفارِ المُخَوِّفَة، فَذاكِرُهُما يَقِيْهِ اللهُ تَعَالى مِن جَميعِ الخَوف، ويُسَلِّمُهُ في سَفَرِهِ وحَضَرِهِ مِن جَميعِ الآفاتِ الظاهِرَةِ والباطِنَة.
ومَن وَضَعَ حُروفَهُما في مُرَبَّعٍ ثَمانِيَةً في ثَمانِيَةٍ وحَمَلَهُ مَعَه، أَو وَضَعَهُ في مالِ التِجارَةِ أَمِنَ اللُصوصَ والْخَوفَ مِنَ الطَريقِ والغَرَقَ والْحَرقَ، وإذا وَضَعَ هَذا الوِفْقَ في خَزائِنِ الحُبوبِ الْمُقْتَاتِ مِنها بارَكَ اللهُ فيها، وحُفِظَت مِنَ التَلَف.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «المُهَيْمِنُ».، فَلِتَلْيِيْنِ الصَعبِ، ولِقضاءِ الحاجات. ذاكِرُهُ يُيَسِّرُ اللهُ لَهُ كُلَّما يَقصِدُ مِنَ المقاصِد، فَافْهَم.. ومَن نَزَّلَ أعدادَهُ أَربَعَةً في أربَعَةٍ في مُرَبَّعٍ وحَمَلَهُ مَعَه لا يَراهُ أَحَدٌ إلَّا أَحَبَّه، وأَظهَرَ لَهُ البِشرَ والبَشاشَة، ولا يَصعُبُ عَلَيْهِ أَمرٌ أبَداً.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «العَزيز». فَاسْمٌ جَلِيْلٌ، يَصلُحُ أنْ يَكُونَ ذِكراً لِمَن أَذَلَّتهُ أعداؤُه، وكانَ مِن أَشرافِ الناس، ونَزَلَت عَنهُ تِلكَ النِعمَة، ويَنصُرُهُ اللهُ تَعَالى، ومَنَّ اللهُ عَلَيْهِ بِما زالَ ولا يَصِلُ إليهِ أَحَدٌ بِمَكروهٍ أبَداً.
ومَنِ استَدامَ عَلَى ذِكرِهِ شَرُفَتْ نَفْسُه، وعَلا قَدْرُه، ومُنِعَت الأعداءُ مِنَ الوُصولِ إليه.
واعلَمْ رَحِمَكَ اللهُ أنَّ الأَعداءَ حِسِيَّةٌ ومَعنَوِيَّةٌ: فَالحِسِيَّةُ مِنها مَا يُدرَكُ بِالعَداوَةِ طَبعاً كَالسَّبعِ الضَّاري والْهَوَامِّ، ومِنها ما أَظهَرَ لَكَ ما يَدُلُّ عَلَى عَداوَتِه، وهُم أبناءُ جِنسِكَ مِمَّن يِحسُدُكَ وغَيرُهُم.. والمعنَوِيَّةُ نَفسُكَ وجُندُها، فإذا لازَمَ الْعَبْدُ هَذا الذِكرَ الشَّرِيفَ كَفاهُ اللهُ شَرَّ هَذِهِ الأَعداءِ كُلِّها.
ومَن وَضَعَ أَعدادَهُ وحُروفَهُ في مُرَبَّعٍ أَربَعَةً في أَربَعَةٍ عَلَى لَوحٍ مِن بِلَّورٍ، وحَمَلَهُ إنسانٌ أو حَيوانٌ أَطالَ اللهُ عُمرَه وبارَكَ فيه. قُلتُ قَولُهُ مِن بِلَّورٍ قَد وَجَدْتُ في بَعضِ كُتِبِ الأَسرار: أنَّ مَن لَم يَجِد ذَلِكَ يَجْعَلُهُ فيما تَيَسَّرَ لَهُ ولَو وَرَقَة.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الجَبّارُ المُتَكَبِّر». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ، لا يَذكُرُهُما أَحَدٌ إلَّا أَذَلَّ اللهُ لَهُ كُلَّ جَبّار، وخَفَّضَ لَهُ جَناحَ المُتَكَبِّرين. ومَن وَفَّقَ أَعدادَهُما في لَوْحٍ مِن حَديدٍ والمرّيخ سالِماً مِنَ النُّحُوسِ، مُتَصِّلاً بِالقَمَرِ اتِصالَ مَوَدَّةٍ وحَمَلَه، لا يَراهُ أَحَدٌ أَو جَبّارٌ إلَّا ذَلَّ، ولا مُتَكَبِّرٌ إلَّا خَضَعَ بِإذنِ الله.
قُلتُ: قَولُهُ: في لَوحٍ مِن حَديدٍ إلى آخِرِ الشُروطِ، قَد وَجَدتُ في بَعضِ كُتُبِ الأسرار: أنَّ تِلكَ الشُروطُ لَيْسَت إلَّا لُضُعَفاءِ اليَقينِ ومَن تَيَسَّرَت لَه،وأَمَّا أَهلُ اللهِ ذَوُوا اليَقينِ الراسِخ، العَالِمُونَ أنَّها أَسماءُ الله، لا يَحتاجونَ إلى مُعين. ومَن لَم تَتَيَسَّر لَهُ الشُروطَ فإنَّهُمْ لَيْسوا مُخاطَبينَ بِتِلكَ الشُروط، والأَمرُ كَذَلِكَ وللهِ الحَمد. ومَن ذَكَرَهُما في جَوفِ اللّيلِ بَعدَ صَلاةِ رَكعَتَيْنِ أَو أكثَر إلى أَن يَغلِبَ عَلَيْهِ حال، ودَعا عَلَى ظالِمٍ أُخِذَ لِوَقتِه، بِشَرطِ أنْ يَكُونَ ظالِمُه، ومَن عَفا وأَصلَحَ فَأَجرُهُ عَلَى الله.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الخالِقُ البارِئُ الْمُصَوِّرُ».، فإذا أَضَفتَ اسمَهُ تَعَالى: «القُدّوسُ». إلى اسمِهِ تَعَالى: «الخالِق». حَصَلَ مِنهُما تَأَثُّرٌ عَظيمٌ في دَفعِ الوَسواس، وقِس عَلَى هذا النَمَطِ ما يُناسِبُهُ مِنَ الخواص، واللهُ يَقولُ الْحَقّ، وهُوَ يَهدي السَّبِيل.
وأَمَّا أَسْمَاؤُهُ تَعَالى: «الغَفّارُ الغَفورُ الشَّكورُ الغافِر». فذِكرٌ جَليلٌ، يَصلُحُ لِمَن هُوَ في الْمَعاصي والأَفْعَالِ القَبيحَة. فَمَن داوَمَ عَلَى هَذِهِ الأسماءِ نَقَلَهُ اللهُ مِنها إلى حالَةٍ حَسَنَةٍ جَسيمَةٍ كَريمة.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «التَوّابُ الْحَميدُ».، فَهُما مُتَقارِبانِ مِنَ النَسَقِ الأَوَّل. فَمَن لازَمَ عَلَى ذِكرِهِما جَعَلَ اللهُ تَعَالى أَمرَهُ يَسيراً، وقَبِلَ تَوبَتَه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «السَّميعُ البَصير». فَذِكرُ جَليل، مَن لازَمَ ذِكرَهُما وَسَّعَ اللهُ تَعَالى فَهمَه، وَوَفَّرَ عَقلَه، وأَورَثَهُ الِحشْمَة، وأَسمَعَهُ لَطيفَ السِرّ، وأَراهُ حَقائِقَ الأَشياءِ كُلَّها، جَلِيَّها وخَفِيَّها.
ومَن كانَ بِهِ ضَعفٌ في بَصَرِهِ أو سَمعِه، وأَكثَرَ مِن ذِكرِهِما، قَوِيَ سَمعُهُ وبَصَرُه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الوَدُودُ، الشّاكِرُ». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ، ذاكِرُهُما يُلْقِ اللهُ مَحَبَّتَهُ في قُلوبِ الخِلق، ولا يَراهُ أَحَدٌ إلَّا أَحَبَّه، ولا يُقدِمُ عَلَى أَمرٍ مِنَ الأُمورِ إلَّا نَجَحَ فيه، وقِس عَلَيْهِ ما يناسِبُهُ مِنَ الأمورِ كُلِّها.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «العَليمُ، الْحَكيمُ». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ، لِمَن أَرَادَ الوُصُولَ إلى الحِكْمَةِ وعُلُومِ الأَسْرار، فيُلازِمُ ذِكرَهُما في خَلوَةٍ حاسِرَ الرّأس، قاعِداً عَلَى الأرضِ مِن غَيرِ حائِلٍ بَينَهُ وبينَها، مُستَقبِلَ القِبلَة، فإنَّ اللهَ تَعَالى يُلهِمُهُ الحِكمَة، ويوصِلُهُ إلى ما يُرِيد، ويُقَيِّضُ لَهُ حَكيماً يُرشِدُهُ إلى ما يُرِيدُه، أو مَلَكاً عَلَى قَدْرِ هِمَّتِه.
ومَن نَزَّلَ أعدادَهُما في مُرَبَّعٍ أربَعَةً في أربَعَةٍ، وحَمَلَهُ عَلَى رأسِه، أنطَقَهُ اللهُ تَعَالى بالحِكمَة، ولا يَمُرُّ نَظَرُهُ عَلَى شَيء إلَّا فَهِمَ مَعناهُ وحَفِظَه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الباسِطُ، العَلاَّم». فَاسْمَانِ ذاكِرُهُما يُذهِبُ اللهُ تَعَالى عَنهُ النِسيان، ويوَسِّعُ عَلَيْهِ رِزقَه.
ومَن وَفَّقَ اسمَهُ «الباسِطُ» بِسِرِّ التَداخُلِ في مُرَبَّعٍ عَلَى خاتَمٍ مِن فِضَّةٍ مُمَوَّهٍ بِالذَهبِ في يومِ الأَربِعاءِ رابِعَ عَشَرَ أيَّ شَهرٍ كان، وتَخَتَّمَ بِهِ أَلقى اللهُ تَعَالى عَلَى قَلْبِهِ السُرورَ الدائِمَ الذي لا يَشوبُهُ هَمٌّ ولا حُزن، ويَبْسُطُ عَلَيْهِ الرِّزق، وفيهِ مِنَ الأسرارِ والعَجائِبِ ما لا يُمكِنُ شرحُه. والذاكِرُ يُعايِنُ ذَلِكَ بالمُشاهَدة.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الكَريمُ الوَهّاب». فذاكِرُهُما يُوَسِّعُ اللهُ تَعَالى عَلَيْه الرِزق، ويَنمو ما بِيَدِهِ مِن تِجارَةٍ ومَتاعٍ ودَراهِمَ ومَواشِيَ وغَيرِ ذِلِك، ولا يَفتَقِرُ أبَداً ما دامَ عَلَى ذِكرِهِما.
ومَن نَقَشَهُما عَلَى خاتَمٍ مِن عَقيقٍ وتَخَتَّمَ بِهِ في يَدِهِ اليُسرى يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ الأَرزاق، وعَطَّفَ عَلَيْهِ القُلُوب، وخَوَّلَهُ في سَوابِغِ نِعَمِه.
ومَن كَتَبَ حُروفَهُما مُكَسَّرَةً بِذَهَبٍ أو فِضَّةٍ أو زَعفَرانٍ في شَرَفِ الشَّمس، وَوَضَعَهُ في كيسِ الدَراهِمِ التي يُنفِقُ مِنها فإنَّها لا تَنفَذُ أبَداً، ولَو عَمَّرَ أَلفَ سَنَةٍ وهُوَ يُنفِقُ مِنها، بِشَرطِ أنَّهُ كُلَّما أَخَذَ شَيئاً ذَكَرَهُما بِعَدَدِهما.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «التَوّابُ النَّصيرُ». فلَهُما سِرٌّ عَظيم، وذاكِرُهُما يَتَوَلّاهُ اللهُ تَعَالى بِعَيْنِ عِنَايَتِه، ويَنصُرُهُ عَلَى أعدائِه، خُصوصاً مَن ذَكَرَهُما في المخاوِفِ وبَيْنَ صَفَّي القِتالِ يأمَنُ مِن كُلِّ مَكروه ولا يَرى ضَرَراً أبَداً.
ومَن وَفَّقَ أعدادَهُما في حَريرَةٍ بَيضاءَ وخَرَزَهُما في لِواءِ الجَيشِ فإنَّ فِرقَتَهُمْ هُمُ الغالِبون، ويُناسِبُ هذا الوِفقَ مِنْ آيِ القُرآنِ العَظيم، قَولُهُ تَعَالى: ﴿فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ﴾ [القصص، من الآية: 35]
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «البّديعُ عَلّامُ الغُيوب». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ، يَصلُحانِ ذِكراً لِمَن أَرَادَ تَأليفَ العُلومِ وجَمْعَ الحِكَم.. وذاكِرُهُما يُيَسِّرُ اللهُ تَعَالى لَهُ جَميعَ التَأليفات، خُصوصاً هَذا الفَنَّ وما أَشبَهَه.
ومَن أَكثَرَ مِن ذِكرِ اسمِهِ تَعَالى «البَديعُ». أُعطِيَ البَلاغَةَ في اللّفظِ والصَوابَ في الجواب، ولا يَصلُحُ ذِكراً إلَّا لأَهلِ التَّكَلُّمِ خاصَّة.
ومَن أَضافَ اسمَهُ تَعَالى: «العَلّامُ عَلّامُ الغُيوب». إلى الاسْمَينِ المُتَقَدِّمَيْنِ، وهُما اسمُهُ تَعَالى: «العَليمُ الْحَكيمُ». ،واتَّخَذَ ذَلِكَ ذِكراً في خَلوَتِهِ تَفَجَّرَتْ يَنابيعُ الحِكمَةِ مِن قَلْبِهِ عَلَى لِسانِه، حتى يَصيرَ يَنطِقُ بِها مِن غَيرِ كُلفَةٍ ولا عُسر.
ومَن وَفَّقَ أَعدادَهُما في مُسَدَّسٍ في يَومِ الجُمعَةِ أَوَّلَ جُمعَةٍ في الشَهر في رِقِّ ظَبْيٍ، ونَجَّمَهُ سَبْعَ لَيالٍ، وحَمَلَهُ مَعَهُ فَتَقَ اللهُ فَهْمَه، وأحاطَ بِكُلِّ العُلُومِ مِنْ غَيرِ تَعَب.
ومَن واظَبَ عَلَى ذِكرِ اسْمِهِ تَعَالى " عَلّامُ الغُيوبِ " أَربَعِيْنَيَوماً لا يَأكُلُ فيها رُوْحَاً ولا يَقرَبُ النِساءَ، فإنَّهُ يَطَّلِعُ عَلَى أَحوالِ النّاس، ويَرى ما هُوَ غائِبٌ عَن حِسِّ غَيرِه، ومَن داوَمَ عَلَيْهِ شاهَدَ عَجائِبَ الكَونَينِ وغَرائِبَ الْمَلَكُوتَيْن، وَلَمْ يَبْقَ في عَصْرِهِ مِثلُهُ: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الجمعة، الآية: 4]
وأَمَّا أَسْمَاؤُهُ تَعَالى: «الدائِمُ القَديمُ الأَزَلِيُّ». فَذاكِرُها يُرضيهِ اللهُ بما هُوَ فيهِ مِن عُسرٍ ويُسر، ويُعطيهِ حَظّاً عَظيماً مِنَ القَناعَة، ويَنالُ مَرتَبَةَ الزُهد.
ومَن كانَ وَلِيَ أَمراً وَداوَمَ عَلَى اسمِهِ «الدائمُ». دامَ عَلَيْهِ مُلكُه، ولَم يَعصِهِ أَحَدٌ مِن جُنودِه.
وكَذَلِكَ إن وَفَّقَهُ عَدَدِيّاً أَو حَرفِيّاً في مُرَبَّعَيْن، أَحَدُهُما خَلفَ الآخَر، عَلَى فَصِّ خاتَمِ فِضَّة، وحَمَلَهُ فإنَّهُ يُعطى هذا السِرَّ العَظيم.
ومَن ذَكَرَ هَذِهِ الأسماءَ العَظيمَةَ دُبُرَ الصَّلَواتِ الخَمس، وداوَمَ عَلَيها، أمَّنَهُ اللهُ تَعَالى في ذُرِّيَتِهِ إلى يومِ القِيامَة، وهذا سِرٌّ مُتَّحِدٌ إلى مَا لا نِهايَةَ لَه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الواحِدُ الأَحَدُ». فتَوحيدٌ عَظيم. وذاكِرُهُما يُحَبِّبُ اللهُ تَعَالى إليهِ الإيمان، ويُبَغِّضُهُ في المعاصي والفُسُوقِ والعِصيان، ويُؤَيِّدُهُ بِروحٍ مِنه، وإن كانَ في ضِيقٍ مِن ظَالِمٍ أو سِجْنٍ، أو غَيرِ ذَلِك، ولازَمَ ذِكرَهُما نَجّاهُ اللهُ تَعَالى مِنه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الصَّمَد». فتَنزيهٌ جَليلٌ للمُرتاضين، إذا داوَموا عَلَيْهِ أَغناهُمُ اللهُ تَعَالى عَن الأَكلِ والشَراب، فإنَّ ذاكِرَهُ لا يُحِسُّ بأَلَمِ الجوعِ البَتَّةَ ما لم يُدخِل عَلَيْهِ غَيرَهُ مِنَ الأَسماء. وإن ذَكَرَتْهُ امرأةٌ لَم تَحمِل أَبداً ما دامَت عَلَى ذِكرِه.
قُلت: وقَد قالَ لي شَيْخُنا رَضِيَ اللهُ عَنهُ وأَرضاه "أنَّهُ كانَ في بِدايَةِ أَمرِهِ رُبَّما لازَمَه، وكانَ يَلبَثُ عَنِ الطَعامِ والشَرابِ إحدى وعِشرينَ لَيلَةً بِأيّامِها، ولَم تَضعُف لَهُ قُوَّةٌ حَتّى عَنِ النِّساء، ورُبَّما تَكونُ عِندَهُ أَربَعُ حَرائِرَ وعَدَدٌ مِنَ الإماء، وقائِمٌ بِحَقِّ الجميع".
قُلت: وهَذِهِ خاصِّيَّة لا عِلمَ لي بِأَحَدٍ مِنَ الأَوْلِيَاءِ أُكرِمَ بِها غَيرُهُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ وأَرضاه، وجُعِلَ في أَعْلَى الفِردَوْسِ مُتَقَلَّبُهُ ومَثواه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الفَرْدُ المَجيد». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ، ذاكِرُهُما يُرفَعُ قَدْرُه، ويُنشَرُ ذِكرُهُ وعِلمُهُ إن كانَ مِن ذَوي العُلوم.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «المُبْدِئُ المُعيد». فَمَنْ ذَكَرَهُما عِندَ سَفَرِهِ قَبلَ خُرُوجِهِ إلى السَّفَرِ مِن مَنزِلِه، رَدَّهُ اللهُ تَعَالى إلى ذَلِكَ المكانِ سالِماً بإذنِ الله. ومَن سُرِقَ لَهُ مال، أو ضاعَ لَهُ شَيء، أَو ضَلَّت لَهُ ضالَّة، ولازَمَ ذِكرَهُما رَدَّ اللهُ ما ضاعَ لَه. ومَن وَفَّقَ أَعدادَهُما عَلَى كاغِدٍ نَقِيّ، وَوَضَعَهُ في دارِهِ أوْ حاصِلِه، وسافَرَ لَم يُصِب ذَلِكَ المكانَ سُوءٌ ولا مَكرُوهٌ أبَدَاً، وإذا رَجَعَ وَجَدَهُ سَالِماً كَما خَلَّفَه. وأَسرارُ هَذِهِ الأسْماءِ لا يُحيطُ بِها أَحَدٌ إلاّ اللهُ تَعَالى.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «العَلِيُّ العَظيم». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ، ذاكِرُهُما لا يَزَالُ مُعَظَّماً مُوَقَّراً، عالِيَ القَدْرِ، مَرْفُوعَ الْهِمَّة، مَسْمُوعَ الكَلِمَة، يُحِبُّهُ كُلُّ النّاس، ويَتَّسِعُ رِزقُه، ويَنالُ مَقاصِدَه.
ومَن وَفَّقَهُما أَعداداً وحُروفاً في حَريرَةٍ بَيضاء، والقَمَرُ في شَرَفِه، وَحَمَلَهُ مَعَه، رَأى مِن لُطفِ اللهِ وتَعظيمِ النّاسِ لَهُ ما لَم يَعهَدْهُ ، ولا يَسألُ مِن أَحَدٍ حاجَةً إلَّا ويَقضِيها لَه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْجَميلُ». فَهُوَ اسْمٌ عَظيمٌ، يَصلُحُ أَن يُوَفَّقَ وتَحمِلُهُ العَروس، فإنَّهُ لا يُرى أَبْهَجَ مِنها ولا أَحسَن. ومَنِ اتَّخَذَهُ ذِكراً جَمَّلَهُ اللهُ تَعَالى بَينَ خَلقِه، فَيَكونُ حَسَنَ الخُلُقِ والْخَلْقِ جَميلَ الصِّفات.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الكَبيرُ الْمُتَعالِ». فَاسْمَانِ عَظِيْمَانِ، ذاكِرُهُما يَكسوهُ اللهُ تَعَالى البَهاءَ والوَقار، وتَعلُو هِمَّتُهُ وروحُه، وتَزكو نَفْسُه. ومَن وَفَّقَهُما في مُرَبَّعٍ عَلَى خاتَمٍ في شَرَفِ الشَّمس، وتَخَتَّمَ بِهِ، لا يَنْظُرُ إليهِ أَحَدٌ إلَّا أَحَبَّه، وإذا نَظَرَتْهُ أَعداؤُهُ أَلقى اللهُ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِم.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْجَلِيلُ». فذاكِرُهُ تَهابُهُ الجِنُّ والإِنْسُ والسِّباعُ والْهَوامُّ.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «النُّورُ البَهِيُّ». فما لازَمَ أَحَدٌ ذِكْرهُما إلَّا انبَسَطَ نورُ سِرِّهِما في قَلْبِه، وظَهَرَ عَلَى ظاهِرِه. ومَن اتَّخَذَ اسمَهُ تَعَالى «النّورُ». ذِكراً في غالِبِ أَوقاتِهِ نَوَّرَ اللهُ تَعَالى عَلَيْهِ ظاهِرَهُ وباطِنَه، ونَوَّرَ بَصَرَهُ وقَلْبَه.
ومَن وَفَّقَ أَعدادَهُ وهِيَ 246، وعَلَّقَها عَلَى مَن بِهِ مَرَضٌ عَظيم، أو ضَعْفٌ في عَينَيْه، يَبْرَأُ بإذنِ اللهِ تَعَالى، وتَبْرَأُ عِلَّتُهُ الباطِنَةُ والظاهِرة.
وأَمَّا أَسْمَاؤُهُ تَعَالى: «المُعِزُّ ذو الْجَلالِ والإكرامِ». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ عَظيمان، ذاكِرُهُما يَبسُطُ اللهُ تَعَالى هِمَّتَهُ في كُلِّ ما طَلَب، ويُلبِسُهُ اللهُ تَعَالى العِزَّ والْهَيبَةَ والوَقار.
ومَن ذَكرَهُما وهُوَ داخِلٌ عَلَى سُلطانٍ أَلقى اللهُ تَعَالى هَيْبَتَهُ في قَلبِ ذَلِكَ السُّلطانِ أو الحاكِم.
ومَن وَفَّقَ اسمَهُ تَعَالى «المُعِزُّ». في مُثَلَّثٍ عَلَى فَصٍّ مِنْ ياقوتٍ وتَخَتَّمَ بِه، فإنَّهُ يَنالُ عِزاً ورِفعَةً عِندَ سائِرِ الخِلق، وخُصُوصَاً الأكابِرَ يَنالُ مِنهُمُ حَظّاً وافِراً والسَّلام.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الغَنِيُّ الشَّكورُ». فَذاكِرُهُما يَرزُقُهُ اللهُ تَعَالى غِنىً في نَفْسِه، ويُلهِمُهُ الْحَمدَ والشُّكرَ عَلَى السَّراءِ والضَّراء.
ومَن داوَمَ عَلَى ذِكرِهِما، وكانَ في طَبعِ نَفْسِهِ شُحٌّ، أبدَلَهُ اللهُ تَعَالى بِالسَّخاءِ والسَّماحَة.
ومَن وَفَّقَ اسمَهُ تَعَالى «الغَنِيُّ». أَعداداً عَلَى صَحيفَةٍ مِن قَصدير، ثُمَّ جَعَلَها في الماءِ الذي يَشرَبُه، وَجَدَ في نَفْسِه غِنىً ورِضىً لَم يَكُن يَعهَدهُ قَبلَ ذَلِك.
ومَن وَفَّقَ اسمَهُ تَعَالى: «الشَّكور». أَظهَرَهُ اللهُ تَعَالى، وأَظهَرَ عَلَيْه صِفَةَ الْجَميل، وسَتَرَ مِنهُ القَبيحَ.
وأَمَّا أَسْمَاؤُهُ تَعَالى: «المُغْني الرَّزَّاقُ الفَتَّاحُ الكَافي». فذاكِرُهُم تَنزِلُ عَلَيْهِ البَرَكَة، ويَرزُقُهُ اللهُ مِن حَيْثُ لا يَحتَسِب، وتُيَسَّرُ لَهُ الأرزاقُ مِن كُلَّ جانِب. ولا يَذكُرُهُم أَحَدٌ عَلَى طَعامٍ أو شَرابٍ إلَّا وَظَهَرَت فيهِ البَرَكَةُ والزِيادَةُ التي لا يَسَعُ أَحَدٌ إنكارَها لِوُضوحِها. ومَنِ اتَّخَذَهُم ذِكراً عَقِبَ صَلَواتِهِ لا يَفتَقِرُ أبَداً. ومَن وَفَّقَ أَعدادَهُم مُشتَرِكَةً في مُرَبَّعٍ أَربَعَةً في أربَعَةٍ عَلَى حَريرٍ أَصفَر، وَوَضَعَهُ في صُندوقِ المالِ أو كيسِ الدَّراهِمِ، زكَى ذَلِكَ المالُ ونَما بِإذنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الحَسيبُ الوَكيل». فَاسْمَانِ عَظِيْمَانِ، ذاكِرُهُما يَكفيهِ اللهُ تَعَالى شَرَّ أعدائِه، وجَميعَ ما أَهَمَّهُ ومالَم يُهِمّه. ومَن سَطا عَلَيْهِ حاكِمٌ وذَكَرَهُما في السَّحَرِ بِأعدادِهِما، ثُمَّ يَقولُ بَعدَ ذَلِك "اللهُمَّ إنّي احتَسَبتُ بِك، وتَوَكَّلتُ عَلَيك، في أَمرِ فُلانِ بنِ فُلانِ بنِ فُلانةٍ، فاكفِنيهِ بِما شِئتَ، فإنَّهُ يُؤخَذُ لِوَقتِه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْمُعطِي الْمُقِيتُ». فَاسْمَانِ عَظِيْمَانِ، ذاكِرُهُما تَنبَجِسُ لَهُ العُيونُ عَنِ الرِّزق، وتَنفَجِرُ لَهُ أَنهارُ هذا العَيْش، فَيَحيى سَعيداً مَسروراً، ويَموتُ شَهيداً مَستوراً. ولا يَستَديمُ ذِكرُهُما مَن عَلَيْهِ دَيْن إلَّا وَفَّاهُ اللهُ عنهُ في أَسرَعِ وَقتٍ ومُدَّة.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْحَليمُ الرَّؤوفُ». فَاسْمَانِ عَظِيْمَانِ، لا يوجَدُ أَسرَعُ مِن سِرِّهِما في قَبولِ التَّوبَة، والعَفْوِ عَنِ الْخَطيئة. ولا يَذكُرُهُما مَن أَوثَقَتْهُ الذُّنوبُ إلَّا أَلْهَمَهُ اللهُ تَعَالى الإنابَةَ إليه، والعَفوَ عَمّا جَناهُ واقتَرَفَه، ويَقبَلُ اللهُ تَوبَتَه، ويَعصِمُهُ فيما بَقِيَ مِن عُمُرِه.
ومَن وَفَّقَ اسمَهُ تَعَالى «العَفُوُّ». أَعداداً في مُرَبَّعٍ وحَمَلَهُ مَعه، كانَت سَيِّئاتُهُ عِندَ النّاسِ بِمَنزِلَةِ الْحَسنات.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الوَدودُ الغَفور». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ، وذاكِرُهُما تَتَأَلَّفُ عَلَيْهِ القُلوبُ تَأليفاً عَظيماً بِالوِدِّ والْمَحَبَّةِ الشَّديدَة، ويُؤثِرونُهُ عَلَى أَنفُسِهِم، ومَن استَدامَ عَلَى ذِكرِهِما بُكرَةً وعَشِيّاً لا يَرى عَدُوّاً أبداً، وكُلُّ مَن رآهُ أَحَبَّهُ واشتَدَّ شَغَفُهُ بِه.
ومَن وَفَّقَهُما بِطريقِ التَّكسيرِ في رِقِّ ظَبْيٍ في يومِ الْجُمُعَةِ في زِيادَةِ القَمَر، وكَتَبَ حَولَ التَّكسيرِ قولَه تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً﴾، [آل عمران، من الآية: 103] وذَكَرَ الاسمَيْنِ الشَّرِيفينِ بَعدَهُما، وحَمَلَ الرِقَّ عَلَى عَضُدِهِ الأَيْمَن، ألقى اللهُ مَحَبَّتَهُ في قُلوبِ الإِنْسِ والجِنّ. ولا يوجَدُ أَسرَع مِن سِرِّهِما في قَبولِ التَّوبَةِ أَيضاً.
ويُقالُ أنَّ اسمَهُ تَعَالى «الوَدودُ». هُوَ الاسمُ الْمُشارُ إلَيهِ كَما في قِصَّةِ التَّاجِرِ واللِّص، أنَّهُ قالَ في دُعائِه: «يا وَدودُ» (ثَلاثَ مَرّات) «يا ذا العَرشِ الْمَجيد، يَا فَعالٌ لِمَا يُرِيد» فأغاثَهُ اللهُ بِمَلَكٍ مِنَ الملائِكَةِ عَلَى فَرَسٍ وبِيَدِهِ حَربَةٌ فَقتَلَ ذَلِكَ اللِّصَّ، وهَذِهِ قِصَّةٌ مَشهورةٌ. وَهِيَ قِصّةُ أبِي الْمُعَلَّق رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْحَنّانُ». فذاكِرُهُ يَقذِفُ اللهُ تَعَالى مَحَبَّتَهُ في قَلبِ كُلِّ مَن رَآه، ويُعَطِّفُ عَلَيْه القُلوبَ القاسِيَة. وإذا كُتِبَ مِائَةً وأربَعينَ مَرَّةً في إناءٍ طاهِر، ومُحِيَ بِبَياضِ البَيْض، ويُطلى بِهِ مَن وَقَعَ في النارِ بَرِيءَ في الوَقْت. وذِكرُهُ يُذهِبُ الأَمراضَ الحارَّة.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «اللَّطيف». اسْمٌ جَلِيْلٌ سَريعُ الإجابَةِ والأَفْعَال، نافِذُ السِرِّ في تَفريجِ الكَرب، ما ذَكَرَهُ أَحَدٌ وهُوَ في شِدَةٍ إلَّا شاهَدَ اضمِحلالَها. ومَنِ استَدامَ ذِكرَهُ جَعَلَ اللهُ لَهُ مِمَّا كُتِبَ عَلَيْهِ مِنَ الأُمورِ الشَّديدَةِ مَنأَىً ما وهَذا يُسَمَّى اللُّطفُ الْخَفِيُّ لِخَفائِهِ عَن مَدارِكِ العُقول، وأَقَلُّ ما يَكونُ ذِكرِهُ مِائَةً وسِتّونَ مَرَّة. ومَن وَفَّقَهُ عَدَداً «وهُوَ العَدَدُ المذكور». في مُرَبَّعٍ أَربَعَةً في أَربَعَةٍ في كاغِدٍ نَقِيّ، وحَمَلَهُ مَعَهُ أو عَلَى خاتَمٍ مِن عَقيقٍ وتَخَتَّمَ بِهِ، كانَ مَلطوفاً بِهِ في جَميعِ أَمورِهِ الظّاهِرَةِ والباطِنَة.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْحَفيظ». فإنَّهُ اسمٌ عَظيم، وذاكِرهُ يَحفَظُهُ اللهُ مِن كُلِّ مَكروهٍ في لَيلِهِ ونَهارِه، ونَومِهِ وَيَقَظَتِه، وإن تَصَوَّرَ الذّاكِرُ حالَةَ الذِّكرِ مَدينَةً أو مَنزِلاً أو أهلاً أو غَيْرَ ذَلِكَ حَفِظَهُ اللهُ تَعَالى. ومَن وَفَّقَ أعدادَهُ وحُروفَهُ في مُرَبَّعٍ واحِدٍ عَلَى خاتَمٍ مِن فِضَّة، وتَخَتَّمَ بِهِ لَم يَضُرَّهُ شَيءٌ مِنَ الجِنِّ والإِنْسِ والْهَوامِّ وغَيْرِ ذَلِك.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الرَّقيب». فَسِرٌّ عَظيمٌ في وَجَلِ القُلوبِ وخُضوعِها. ذاكِرُهُ يُلازِمُهُ الْحَياءُ مِن مَوْلاهُ عَزَّ وَجَلَّ، والأَدَبُ في السِّرِّ والعَلَن، والظاهِرِ والباطِن.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «البَرُّ» ، فَسِرٌّ عَظيم، ذاكِرُهُ تَنزِلُ عَلَيْهِ البَرَكات، وتَتَواصَلُ عَلَيْهِ الْخَيْراتُ، وإمدادُ الإحسانِ إليهِ عَلَى يَدِ خَلْقِهِ مِن فَضلِ الله.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الشّافي». فَاسْمٌ عَظِيمٌ، سَريعُ التَأثيرِ في ذَهابِ الأَسْقامِ وزَوالِ العِلَلِ والآلام. ذاكِرُهُ يَشفيهِ اللهُ تَعَالى مِن كُلِّ داء، ويُعافيهِ مِن كُلِّ بَلاء، ويُبريهِ مِن كُلِّ سَقَم، ولا تَطرُقُ العِلَلُ جَسَدَهُ ما دامَ ذاكِراً لَه.
ومَن ذَكَرَهُ عِندَ مَريضٍ أَربَعَمِائَةٍ واثنَيْنِ وعِشرينَ مَرَّةً بَعدَ قِراءَةِ الفاتِحَة «سَبعَ مَرّات».، ويَقول: "اللَّهُمَّ اشْفِ أَنتَ الشّافي، لا شِفاءَ إلَّا شِفَاؤُك، شِفاءً لا يُغادِرُ سَقَمَاً ولا ألَماً"، فإنَّ ذَلِكَ المريضَ يُشفَى بإذنِ اللهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالى،
وحَكى البُونِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: أنَّهُ أَمَرَ بِهِ شَخصاً ابتُلِيَ بِالجُذام، فَلَم يَلبَثْ إلَّا خَمسَةَ عَشَرَ يَوماً ثُمَّ شُفِيَ كَأَنَّهُ نَشَطَ مِن عِقال.
ومَن وَفَّقَ أَعدادَهُ المذكُورَة في مُرَبَّعٍ في إناءٍ طاهِرٍ، ومَحاهُ بِماءِ زَمزَمَ، أوْ مَاءِ الْمَطَر، وسَقى مِنهُ عَليلاً ثلاثَةَ أَيّامٍ مُتَوالِياتٍ عَلَى الرّيق، شَفاهُ اللهُ مِن سَقَمِه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «القَهّارُ الشَّديد». فذاكِرُهُما غالِبٌ حَيْثُما تَوَجَّه، شَديدُ البَأس، عَظيمُ الْمَوَدَّة. ومَن وَفَّقَهُما مُكَسَّرين في مُرَبَّعٍ ثَمانِيَةً في ثَمانَيِةٍ عَلَى أَديمٍ طاهِر، وشَدَّهُ عَلَى عَضُدِهِ الأَيمَن، فَلا يُخاصِمُهُ أَحَدٌ إلَّا وكانَ مَغلوباً مَقهوراً، والذاكِرُ مُؤيَّداً مَنصوراً. ومَن وَفَّقَ أعدادَهُما في مُخَمَّس، وحَمَلَهُ عَلَى رأسِهِ بَيْنِ عَيْنَيْهِ أو مِن تِلقاءِ وَجْهِه، ألقى اللهُ تَعَالى هَيبَتَهُ في قُلوبِ النّاظِرين.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْمُذِلُّ المُنتَقِمُ». فَاسْمَانِ عَظِيْمَانِ لِخَرابِ دِيارِ الظّالِمين، وَوُقوعِ القِتالِ بَينَهُم، والوَبالِ عَلَى أَعداءِ اللهِ الكافِرين.
ومَن ذَكَرَهُما بَعدَ صَلاةِ الشُّروقِ يَومَ السَّبت، عَدَدَ الأعدادِ الواقِعَةِ عَلَيهِما، ثُمَّ دَعا عَلَى ظالِمٍ عَقِبَ الذِّكر، أُخِذَ لِوَقتِه. وكَذَلِكَ إنْ تَصَوَّرَهُ حالَةَ الذِكر ولَم يَدعُ اللهَ شيئاً، فإنَّ اللهَ تَعَالى يَنتَقِمُ لَهُ مِمَّن ظَلَمَه.
ومَن كَتَبَ حُرُوفَهُما مُقَطَّعَةً عَلَى بابِ دارِ حاكِمٍ جائِرٍ أو ظالِمٍ يومَ السَّبت، ويَكونُ القَمَرُ في الْمُحاق، فإنَّ ذَلِكَ الظالِمَ يُعزَلُ عَن مَنصِبِهِ ولا يَعودُ إليهِ أبَداً.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «المُمِيْتُ». فذاكِرُهُ تَمُوتُ شَهَواتُ نَفْسِه، وتُنْزَعُ عَنهُ ثِيابُ الكِبْرِ والعُجب. ومَن ذَكَرَهُ عَلَى واحِدٍ وعِشرينَ وخِمسِمِائَةٍ مِن نَواةٍ مِنَ التَّمر، كُلَّ واحِدَةٍ سَتَّ مَرّات، وصَوَّرَ ذَلِكَ النَّوَى صَورَةَ شَخص، ويَقول: "هَذا فُلان"، ويُصَلِّي عَلَى ذَلِكَ الشَّخصِ صَلاةَ الجَنازَة، فإنَّ ذَلِكَ يَموتُ عاجِلاً بإذنِ اللهِ تَعَالى، وهُوَ مِنَ الأَسْرارِ العَجيبَة. ولا يَكتُبُهُ أَحَدٌ مُوَفَّقاً مُكَسَّراً عَلَى شَبٍّ أَزرَق، وحَمَلَهُ صاحِبُ الطِّحالِ إلَّا بَرِئَ بَعدَ ثَلاثَةِ أيّام.
وأَمَّا أَسْمَاؤُهُ تَعَالى: «القائِمُ القَوِيُّ القادِرُ». فذاكِرُهُم تَقوى جَوارِحُهُ الظاهِرَة، وعوالِمُهُ الباطِنِيَّة، ويُعطى قُوَّةً عَظيمَة، خُصُوصاً مَن كانَ يُعانِيَ الأَثقالَ والحِرَفَ الشَّديدَة، ولا يَرى أَلَمَ التَّعَب. ومَن وَفَّقَهُم أعداداً في مُرَبَّعٍ، وشَدَّهُ عَلَى وِركِهِ، فإنَّهُ لا يَعيا أبَداً، ومَنْ وَفَّقَهُم أعداداً عَلَى خاتَمٍ مِن فِضَّة، وتَخَتَّمَ بِه، أعانَهُ اللهُ عَلَى حَملِ الأَثقالِ مِن غَيْرِ تَكَلُّف.
وأَمَّا أَسْمَاؤُهُ تَعَالى: «ذو البَطشِ الشَّديدُ المُقتَدِرُ». فلا يَذكُرُهُم مَظلوم، إلَّا أَخَذَ اللهُ ظالِمَهُ أَخَذَ عَزيزٍ مُقتَدِر، وقِسْ عَلَى هَذا النَّمَطِ ما تُريد.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْمُنعِمُ الْمُتَفَضِّلُ». فَاسْمَانِ عَظِيْمَانِ، لا يَسأل اللهَ تَعَالى ذاكِرهُما في شَيءٍ مِنَ الإنْعامِ والفَضْل، إلَّا أَعطاهُ إيّاه، وأَوصَلَهُ فَضلَه، حَتّى يُعطيه فَوقَ ما سَأَلَ ومَا يَخطُرُ بِبالِهِ، واللهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدير.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْمُحْسِنُ الْجَوَّاد». فذاكِرُهُما يُمِدُّهُ اللهُ تَعَالى مِن جُودِهِ وإحسانِهِ بِما لا نِهايَةَ لَهُ مِن كَثرَةِ الْخَيْر، وتَواصُلِ الأسرار. ومَن وَفَّقَهُما مُكَسَّرَيْنِ في كاغِدٍ نَقِيّ، وحَمَلَهُ مَعَه، حَسُنَت أَخلاقُه، ورَقَّت طِباعُه، وجادَت نَفْسُه. ويَصلُحُ أنْ يَكُونَ ذِكراً لِمَن وَجَدَ في نَفْسِهِ شُحّاً وبُخلاً، فإنَّ نَفْسَهُ تَزكو، ويُرزَقُ مَكارِمَ الأخلاق.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الرّافِعُ الباسِطُ». فَاسْمَانِ عَظِيْمَانِ، وهُما مِن أَذكارِ مَلائِكَةِ العَرشِ، وذاكِرُهُما يُمِدُّهُ اللهُ تَعَالى بِمَدَدِه، ويَزيدُهُ في العِلْمِ والجِسم، ويَرفَعُ قَدْرَهُ وذِكرَه. ومِن وَفَّقَهُما أعداداً في مُرَبَّعٍ أربَعَةً في أربَعَةٍ عَلَى خاتَمٍ مِن ذَهَب، وتَخَتَّمَ بِهِ لا يَزالُ فَرِحاً مَسروراً، ولا يرى مَكروهاً ما دام مَعَه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْمُجيبُ السَّميعُ». فَاسْمَانِ عَظِيْمَانِ، ذاكِرُهُما لا يَدعُو اللهَ تَعَالى في شَيءٍ إلَّا أجابَهُ في الوَقْت، خُصوصاً إذا سَأَلَهُ بِهِما.
ومَن كَتَبَ في يَدِهِ اليُسرى اسمَهُ تَعَالى «الْمُجيبُ »، وفي اليُمْنَى اسْمَهُ تَعَالى: «السَّميعُ» ورَفَعَهُما إلى السَّماء، ودَعا اللهَ بِما شَاءَ استُجيبَ لَهُ في الوَقْت، وهَذا النَّمَطُ سَريعُ السُّرورِ والبَرَكَة، وفيهِ مِنَ الأَسرارِ والْخَواصِّ مَا لاَ يَنْبَغِي كَشْفُه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْحَقُّ». فَاسْمٌ جَلِيْلٌ، ذاكِرُهُ يُوَفِّقُهُ اللهُ إلى ما يُرِيدُه، ويَجْعَلُهُ تابِعاً للحَقِّ في كُلِّ شَيء. ومَن وَفَّقَ أَعدادَه «وهِيَ تِسعَةٌ وثَلاثونَ ومِائَة». في مُرَبَّعٍ أَربَعَةً في أَربَعَةٍ، وحَمَلَهُ مَعَه، فلا يَدْخُلُ حامِلُهُ عَلَى حاكِمٍ إلَّا كانَ مَنصوراً عَلَى خَصمِه.
وأَمَّا أَسْمَاؤُهُ تَعَالى: «الْمُبينُ الْخَبيرُ الْهادي». فَأسْماءٌ جَلِيلَةٌ، لا يَذكُرُهُم أَحَدٌ أَلفَ مَرَّةٍ عِندَ نَومِه، وهُوَ ناوِي كَشْفَ شَيءٍ مِنَ الأَشياءِ الفِعلِيَّةِ والقَولِيَّةِ، إلَّا أراهُ اللهُ تَعَالى ذَلِكَ في مَنَامِهِ عَلَى يَدِ مَلَكٍ مِنَ الملائِكَة، ويَقولُ عَقِبَ كُلِّ مِائَةٍ: "بَيِّن لي يا مُبين، خَبِّرني يا خَبير، اهدِني يا هادي"، ثُمَّ يَعودُ إلى قراءَةِ الأَسماءِ إلى أَن يَغلِبَ عَلَيْهِ النَّوم، فإنَّهُ يَرى في مَنامِهِ ما يُرِيدُ بإذن الله تَعَالى، فإنْ لَمْ يَرَ شَيئاً، فَليُكَرِّر العَمَلَ ثَانِياً، ولا يَقولُ: "فَعَلْتُ ولَمْ يَصِحَّ"، فإنَّهُ يَأثَم.
ومَن كَتَبَهُم في إِنَاءٍ طَاهِرٍ، ومَحاهُم بِعَسَلٍ ومَاءِ وَرد، ولَعَقَ مِنَ العَسَلِ كُلَّ يَومٍ ثَلاثَ لَعقَاتٍ عَلَى الرّيقِ، سَبعَةَ أيّامٍ مُتَوالِيَة، فإنَّ اللهَ يُؤْتِيْهِ الحِكْمَةَ، ويُعْطِيهِ مِنَ العُلُومِ اللَّدُنِّيَّةِ مَا لاَ يَصِلُ إليهِ أَهلُ زَمَانِه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْحَيُّ القَيُّومُ». فَاسْمَانِ عَظِيْمَانِ، ذاكِرُهُما يَرى النّورَ المُتَّصِلَ مِن أَسرارِهِما عَياناً، ويُحْيِي اللهُ قَلْبَه، ويُنعِشُ رُوْحَه، ويُدْنِيهِ مِنْ حَضرَتِه، ويُجيبُ دُعَاءَه.
ومَن وَفَّقَهُما أعداداً في مُرَبَّعِهِما الْمَعروف، (وهُوَ مُرَبَّعٌ عَشرَةٌ في عَشرَةٍ في التَكسيرِ، وأربَعَةٌُ في أَربَعَةٍ في تَنزيل الأَعداد)، وحَمَلَهُ مَعَه، أَحْيَا اللهُ قَلْبَهُ، ورَزَقَه، وأقامَهُ في الطّاعات.
وأَمَّا أَسْمَاؤُهُ تَعَالى: «الأوَّلُ والآخِرُ والظّاهِرُ والباطِنُ». فَأسْماءٌ جَلِيلَةٌ، مِن سِرِّ مَدَدِهِم حِفظُ الْجَوارِحِ للذّاكِر، والأَمانُ مِنَ الوَبالِ والنِّفاقِ والكِبَرِ والعُجب. ومَن ذَكَرَ اسمَهُ تَعَالى «الأوَّلُ». عِندَ ابتِداءِ عَمَلٍ مِنَ الأَعمال، كانَت عاقِبَتُهُ مَحمودَة. ومَن نَقَشَ الأَسماءَ الأَربَعَةَ عَلَى صَحيفَةٍ مِن قَصديرٍ في شَرَفِ الشَّمس، وصَوَّرَ في باطِنِهِم سَمَكَة، وطَرَحَها في البَحرِ أو النَهر، اجتَمَعَ عَلَيْهِ السَّمَكُ مِن كُلِّ جانِب، حَتّى يَصيرَ يُمسَكُ بِاليَد.
وهَذا النَّمَط الْجَلِيلُ مَن ذَكَرَهُ لَيْلاً ونَهاراً ، مُدَّةَ أَربعينِ يَوماً دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ صارَ فرداً مِنَ الأَفراد، ويُقَيِّضُ اللهُ لَهُ الخَضِرَ عَلَيْهِ السَّلام يُعَلِّمُهُ ما شَاءَ أن يُعَلِّمَه، ويَصيرُ روحانياً واصِلاً إلى الحِضرَةِ القُدْسِيَّة، شَاهِداً أَنوارَ الجَمالِ وعَجائِبَ المَلَكوتِ الأَعَلَى ومَقاماتِ الملائِكَة، فَاعرِف قَدْرَه، وأَكرِم ذِكرَه.
والحَمدُ للهِ الذي هَدانا لِهَذا، وما كُنّا لِنَهتَدِيَ لَولا أن هَدانا الله، لَقَد جاءَت رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ.
ومَن أَرادَ استيفاءَ الكَلامِ عَلَى بَقِيَّةِ الأَسماء، فعَلَيْهِ بِكِتابِنا "إبرازُ اللآلِئِ الْمَكنوناتِ في الأَسماءِ الظاهِرَةِ والمُضمَرات"، أو شَرحِنا لِزرعِ المُسَمّى بــــ "فاتِقُ الرَّتقِ". وهَذِهِ فَوائِدٌ لأَهلِ النِّهايات، وتُفيدُ أَهلَ البِدايات.
وأَمَّا أَسْمَاؤُهُ تَعَالى: «اللهُ والإلَهُ والرَّبُّ» ، فَذِكرٌ جَليلٌ، وهُوَ ذِكرُ الأكابِر مِنَ الْمُوَلَّهِيْنَ، يَصلُحُ للمُرتاضينَ في الخَلَوات، يَستَأنِسونَ بِهِ في خَلَواتِهِم، ويُمِدُّهُمُ اللهُ تَعالى بِالأنوارِ اللّاهوتية وعَظَمَةِ الرُبوبِيَّة، فَيورِثُهُم ذَلِكَ ذُلّاً وانكِساراً وافتِقاراً واضطِراراً إلى مَوْلاهُم عَزَّ وَجَلَّ. هَذا لأَهلِ السُّلوك..
وأَمَّا أهلُ العامَّةِ فلا يَستَدِيْمُ أَحدُهُم عَلَى هَذا الذِكرِ إلَّا نَزَلَت عَلَيْهِ البَرَكَةُ والرَّحمة، وأَخَذَ اللهُ تَعالى بِناصِيَتِهِ إلى كُلِّ خِيْر، وحَجَبَهُ عَن كُلِّ سُوءٍ، فلا يَذكُرُهُ مَنْ عَظُمَ جَسَدُهُ وكَسُلَ عَنِ الحَرَكاتِ؛ إلَّا لَطُفَ جَسَدُهُ وروحُهُ وَوَجَدَ خِفَّة.
ومَن ناجى رَبَّهُ في اللّيل بَعدَ صَلاةِ رَكعَتَين ويَقول: «يا أللهُ، يا رَبُّ». ساعَةً زَمانِيَّةً، ظَهَرَ لَهُ نورٌ عَظيمٌ، وكَشَفَ اللهُ عَن بَصيرَةِ قَلْبِه، واستُجيبَ دُعاؤُهُ مِن أَمرِ الدُّنْيا والآخِرة.
ومَن كَتَبَ الأسماءَ الثَلاثَةَ، في مُرَبَّعٍ ، عَشَرَةً في عَشَرَةٍ، عِندَ حُلولِ الشَّمسِ في بُرجِ الحَمَلِ وحَمَلَه، أَعطاهُ اللهُ قُوَّةً يَقينِيَّة، وزِيادَةً في إيمانِه، وإخلاصاً في أَعمالِه. ولا يُعَلَّقُ عَلَى مُصابٍ إلَّا احتَرَقَ عارِضُهُ في الوَقْت، ولا عَلَى صاحِبِ حُمّى إلَّا بَرِئ.
ومَن داوَمَ عَلَى اسمِ «الله». بَعدَ جُوعٍ وسَهَر، أَطلَعَهُ اللهُ عَلَى مَكنونِ الغَيب، وجَعَلَهُ مِنَ المُقَرَّبين.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الرَّحْمَنُ الرَّحيمُ». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ، يَنزِلُ مِن مَدَدِهِما سِرُّ الرَّحْمَةِ والْخُشوعِ والتَّضَرُّعِ، يَصلُحانِ لِمَن غَلَبَت عَلَيْهِ القَسوَةُ والجَسارَةُ وعَدَمُ الرَأفَة، ويُبَدِّلُ اللهُ تَعالى هَذِهِ الخِصالَ بِضِدِّها، وتُطاعُ لَهُ سائِرُ العَوالِم، وتَنقادُ نَفْسُهُ إلى الطاعات. ومَن ذَكَرَهُما وهُوَ داخِلٌ عَلَى جَبّارٍ جائِرٍ ألقى اللهُ في قَلْبِهِ الرَأفَةَ والرَّحمَةَ للذاكِرِ والإحسانَ إليه، وكَفاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ شَرَّه، ومَنَحَهُ خَيرَه. ومَن وَفَّقَ حُروفَهُما مُكَسَّرَةً في مُرَبَّعٍ ثَمانِيَةً في ثَمانِيَةٍ في يَومِ الجُمُعَةِ ساعَةَ الزُهرَةِ وحَمَلَهُ مَعَه، لا يَراهُ أَحَدٌ إلَّا أَحَبَّهُ وأطاعَه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْمَلِكُ القُدُّوسُ». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ عَظيمان، يَصلُحانِ لِمَن كانَ خامِلَ الذِّكْر، وَضِيْعَ القَدْر، فَيُنْشَرُ ذِكْرُه، ويُرفَعُ قَدْرُهُ، ويَطْهُرُ باطِنهُ مِنَ الأدْنَاس.
ومَن داوَمَ عَلَى ذِكرِ اسمِهِ تَعَالى القُدّوس، أَذهَبَ اللهُ تَعَالى عَنهُ وَسواسَ الصَدر، وطَهَّرَ ظاهِرَهُ وباطِنَه، وأَنقَذَهُ مِن كُلِّ وَرطَة، وعَصَمَهُ بِفَضلِه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «السَّلامُ الْمُؤمِنُ». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ، يَصلُحانِ لِمَن غَلَبَ عَلَى قَلْبِهِ الرُعبُ والخَوف، خُصوصاً المسافِرونَ في القِفارِ المُخَوِّفَة، فَذاكِرُهُما يَقِيْهِ اللهُ تَعَالى مِن جَميعِ الخَوف، ويُسَلِّمُهُ في سَفَرِهِ وحَضَرِهِ مِن جَميعِ الآفاتِ الظاهِرَةِ والباطِنَة.
ومَن وَضَعَ حُروفَهُما في مُرَبَّعٍ ثَمانِيَةً في ثَمانِيَةٍ وحَمَلَهُ مَعَه، أَو وَضَعَهُ في مالِ التِجارَةِ أَمِنَ اللُصوصَ والْخَوفَ مِنَ الطَريقِ والغَرَقَ والْحَرقَ، وإذا وَضَعَ هَذا الوِفْقَ في خَزائِنِ الحُبوبِ الْمُقْتَاتِ مِنها بارَكَ اللهُ فيها، وحُفِظَت مِنَ التَلَف.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «المُهَيْمِنُ».، فَلِتَلْيِيْنِ الصَعبِ، ولِقضاءِ الحاجات. ذاكِرُهُ يُيَسِّرُ اللهُ لَهُ كُلَّما يَقصِدُ مِنَ المقاصِد، فَافْهَم.. ومَن نَزَّلَ أعدادَهُ أَربَعَةً في أربَعَةٍ في مُرَبَّعٍ وحَمَلَهُ مَعَه لا يَراهُ أَحَدٌ إلَّا أَحَبَّه، وأَظهَرَ لَهُ البِشرَ والبَشاشَة، ولا يَصعُبُ عَلَيْهِ أَمرٌ أبَداً.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «العَزيز». فَاسْمٌ جَلِيْلٌ، يَصلُحُ أنْ يَكُونَ ذِكراً لِمَن أَذَلَّتهُ أعداؤُه، وكانَ مِن أَشرافِ الناس، ونَزَلَت عَنهُ تِلكَ النِعمَة، ويَنصُرُهُ اللهُ تَعَالى، ومَنَّ اللهُ عَلَيْهِ بِما زالَ ولا يَصِلُ إليهِ أَحَدٌ بِمَكروهٍ أبَداً.
ومَنِ استَدامَ عَلَى ذِكرِهِ شَرُفَتْ نَفْسُه، وعَلا قَدْرُه، ومُنِعَت الأعداءُ مِنَ الوُصولِ إليه.
واعلَمْ رَحِمَكَ اللهُ أنَّ الأَعداءَ حِسِيَّةٌ ومَعنَوِيَّةٌ: فَالحِسِيَّةُ مِنها مَا يُدرَكُ بِالعَداوَةِ طَبعاً كَالسَّبعِ الضَّاري والْهَوَامِّ، ومِنها ما أَظهَرَ لَكَ ما يَدُلُّ عَلَى عَداوَتِه، وهُم أبناءُ جِنسِكَ مِمَّن يِحسُدُكَ وغَيرُهُم.. والمعنَوِيَّةُ نَفسُكَ وجُندُها، فإذا لازَمَ الْعَبْدُ هَذا الذِكرَ الشَّرِيفَ كَفاهُ اللهُ شَرَّ هَذِهِ الأَعداءِ كُلِّها.
ومَن وَضَعَ أَعدادَهُ وحُروفَهُ في مُرَبَّعٍ أَربَعَةً في أَربَعَةٍ عَلَى لَوحٍ مِن بِلَّورٍ، وحَمَلَهُ إنسانٌ أو حَيوانٌ أَطالَ اللهُ عُمرَه وبارَكَ فيه. قُلتُ قَولُهُ مِن بِلَّورٍ قَد وَجَدْتُ في بَعضِ كُتِبِ الأَسرار: أنَّ مَن لَم يَجِد ذَلِكَ يَجْعَلُهُ فيما تَيَسَّرَ لَهُ ولَو وَرَقَة.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الجَبّارُ المُتَكَبِّر». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ، لا يَذكُرُهُما أَحَدٌ إلَّا أَذَلَّ اللهُ لَهُ كُلَّ جَبّار، وخَفَّضَ لَهُ جَناحَ المُتَكَبِّرين. ومَن وَفَّقَ أَعدادَهُما في لَوْحٍ مِن حَديدٍ والمرّيخ سالِماً مِنَ النُّحُوسِ، مُتَصِّلاً بِالقَمَرِ اتِصالَ مَوَدَّةٍ وحَمَلَه، لا يَراهُ أَحَدٌ أَو جَبّارٌ إلَّا ذَلَّ، ولا مُتَكَبِّرٌ إلَّا خَضَعَ بِإذنِ الله.
قُلتُ: قَولُهُ: في لَوحٍ مِن حَديدٍ إلى آخِرِ الشُروطِ، قَد وَجَدتُ في بَعضِ كُتُبِ الأسرار: أنَّ تِلكَ الشُروطُ لَيْسَت إلَّا لُضُعَفاءِ اليَقينِ ومَن تَيَسَّرَت لَه،وأَمَّا أَهلُ اللهِ ذَوُوا اليَقينِ الراسِخ، العَالِمُونَ أنَّها أَسماءُ الله، لا يَحتاجونَ إلى مُعين. ومَن لَم تَتَيَسَّر لَهُ الشُروطَ فإنَّهُمْ لَيْسوا مُخاطَبينَ بِتِلكَ الشُروط، والأَمرُ كَذَلِكَ وللهِ الحَمد. ومَن ذَكَرَهُما في جَوفِ اللّيلِ بَعدَ صَلاةِ رَكعَتَيْنِ أَو أكثَر إلى أَن يَغلِبَ عَلَيْهِ حال، ودَعا عَلَى ظالِمٍ أُخِذَ لِوَقتِه، بِشَرطِ أنْ يَكُونَ ظالِمُه، ومَن عَفا وأَصلَحَ فَأَجرُهُ عَلَى الله.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الخالِقُ البارِئُ الْمُصَوِّرُ».، فإذا أَضَفتَ اسمَهُ تَعَالى: «القُدّوسُ». إلى اسمِهِ تَعَالى: «الخالِق». حَصَلَ مِنهُما تَأَثُّرٌ عَظيمٌ في دَفعِ الوَسواس، وقِس عَلَى هذا النَمَطِ ما يُناسِبُهُ مِنَ الخواص، واللهُ يَقولُ الْحَقّ، وهُوَ يَهدي السَّبِيل.
وأَمَّا أَسْمَاؤُهُ تَعَالى: «الغَفّارُ الغَفورُ الشَّكورُ الغافِر». فذِكرٌ جَليلٌ، يَصلُحُ لِمَن هُوَ في الْمَعاصي والأَفْعَالِ القَبيحَة. فَمَن داوَمَ عَلَى هَذِهِ الأسماءِ نَقَلَهُ اللهُ مِنها إلى حالَةٍ حَسَنَةٍ جَسيمَةٍ كَريمة.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «التَوّابُ الْحَميدُ».، فَهُما مُتَقارِبانِ مِنَ النَسَقِ الأَوَّل. فَمَن لازَمَ عَلَى ذِكرِهِما جَعَلَ اللهُ تَعَالى أَمرَهُ يَسيراً، وقَبِلَ تَوبَتَه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «السَّميعُ البَصير». فَذِكرُ جَليل، مَن لازَمَ ذِكرَهُما وَسَّعَ اللهُ تَعَالى فَهمَه، وَوَفَّرَ عَقلَه، وأَورَثَهُ الِحشْمَة، وأَسمَعَهُ لَطيفَ السِرّ، وأَراهُ حَقائِقَ الأَشياءِ كُلَّها، جَلِيَّها وخَفِيَّها.
ومَن كانَ بِهِ ضَعفٌ في بَصَرِهِ أو سَمعِه، وأَكثَرَ مِن ذِكرِهِما، قَوِيَ سَمعُهُ وبَصَرُه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الوَدُودُ، الشّاكِرُ». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ، ذاكِرُهُما يُلْقِ اللهُ مَحَبَّتَهُ في قُلوبِ الخِلق، ولا يَراهُ أَحَدٌ إلَّا أَحَبَّه، ولا يُقدِمُ عَلَى أَمرٍ مِنَ الأُمورِ إلَّا نَجَحَ فيه، وقِس عَلَيْهِ ما يناسِبُهُ مِنَ الأمورِ كُلِّها.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «العَليمُ، الْحَكيمُ». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ، لِمَن أَرَادَ الوُصُولَ إلى الحِكْمَةِ وعُلُومِ الأَسْرار، فيُلازِمُ ذِكرَهُما في خَلوَةٍ حاسِرَ الرّأس، قاعِداً عَلَى الأرضِ مِن غَيرِ حائِلٍ بَينَهُ وبينَها، مُستَقبِلَ القِبلَة، فإنَّ اللهَ تَعَالى يُلهِمُهُ الحِكمَة، ويوصِلُهُ إلى ما يُرِيد، ويُقَيِّضُ لَهُ حَكيماً يُرشِدُهُ إلى ما يُرِيدُه، أو مَلَكاً عَلَى قَدْرِ هِمَّتِه.
ومَن نَزَّلَ أعدادَهُما في مُرَبَّعٍ أربَعَةً في أربَعَةٍ، وحَمَلَهُ عَلَى رأسِه، أنطَقَهُ اللهُ تَعَالى بالحِكمَة، ولا يَمُرُّ نَظَرُهُ عَلَى شَيء إلَّا فَهِمَ مَعناهُ وحَفِظَه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الباسِطُ، العَلاَّم». فَاسْمَانِ ذاكِرُهُما يُذهِبُ اللهُ تَعَالى عَنهُ النِسيان، ويوَسِّعُ عَلَيْهِ رِزقَه.
ومَن وَفَّقَ اسمَهُ «الباسِطُ» بِسِرِّ التَداخُلِ في مُرَبَّعٍ عَلَى خاتَمٍ مِن فِضَّةٍ مُمَوَّهٍ بِالذَهبِ في يومِ الأَربِعاءِ رابِعَ عَشَرَ أيَّ شَهرٍ كان، وتَخَتَّمَ بِهِ أَلقى اللهُ تَعَالى عَلَى قَلْبِهِ السُرورَ الدائِمَ الذي لا يَشوبُهُ هَمٌّ ولا حُزن، ويَبْسُطُ عَلَيْهِ الرِّزق، وفيهِ مِنَ الأسرارِ والعَجائِبِ ما لا يُمكِنُ شرحُه. والذاكِرُ يُعايِنُ ذَلِكَ بالمُشاهَدة.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الكَريمُ الوَهّاب». فذاكِرُهُما يُوَسِّعُ اللهُ تَعَالى عَلَيْه الرِزق، ويَنمو ما بِيَدِهِ مِن تِجارَةٍ ومَتاعٍ ودَراهِمَ ومَواشِيَ وغَيرِ ذِلِك، ولا يَفتَقِرُ أبَداً ما دامَ عَلَى ذِكرِهِما.
ومَن نَقَشَهُما عَلَى خاتَمٍ مِن عَقيقٍ وتَخَتَّمَ بِهِ في يَدِهِ اليُسرى يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ الأَرزاق، وعَطَّفَ عَلَيْهِ القُلُوب، وخَوَّلَهُ في سَوابِغِ نِعَمِه.
ومَن كَتَبَ حُروفَهُما مُكَسَّرَةً بِذَهَبٍ أو فِضَّةٍ أو زَعفَرانٍ في شَرَفِ الشَّمس، وَوَضَعَهُ في كيسِ الدَراهِمِ التي يُنفِقُ مِنها فإنَّها لا تَنفَذُ أبَداً، ولَو عَمَّرَ أَلفَ سَنَةٍ وهُوَ يُنفِقُ مِنها، بِشَرطِ أنَّهُ كُلَّما أَخَذَ شَيئاً ذَكَرَهُما بِعَدَدِهما.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «التَوّابُ النَّصيرُ». فلَهُما سِرٌّ عَظيم، وذاكِرُهُما يَتَوَلّاهُ اللهُ تَعَالى بِعَيْنِ عِنَايَتِه، ويَنصُرُهُ عَلَى أعدائِه، خُصوصاً مَن ذَكَرَهُما في المخاوِفِ وبَيْنَ صَفَّي القِتالِ يأمَنُ مِن كُلِّ مَكروه ولا يَرى ضَرَراً أبَداً.
ومَن وَفَّقَ أعدادَهُما في حَريرَةٍ بَيضاءَ وخَرَزَهُما في لِواءِ الجَيشِ فإنَّ فِرقَتَهُمْ هُمُ الغالِبون، ويُناسِبُ هذا الوِفقَ مِنْ آيِ القُرآنِ العَظيم، قَولُهُ تَعَالى: ﴿فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ﴾ [القصص، من الآية: 35]
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «البّديعُ عَلّامُ الغُيوب». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ، يَصلُحانِ ذِكراً لِمَن أَرَادَ تَأليفَ العُلومِ وجَمْعَ الحِكَم.. وذاكِرُهُما يُيَسِّرُ اللهُ تَعَالى لَهُ جَميعَ التَأليفات، خُصوصاً هَذا الفَنَّ وما أَشبَهَه.
ومَن أَكثَرَ مِن ذِكرِ اسمِهِ تَعَالى «البَديعُ». أُعطِيَ البَلاغَةَ في اللّفظِ والصَوابَ في الجواب، ولا يَصلُحُ ذِكراً إلَّا لأَهلِ التَّكَلُّمِ خاصَّة.
ومَن أَضافَ اسمَهُ تَعَالى: «العَلّامُ عَلّامُ الغُيوب». إلى الاسْمَينِ المُتَقَدِّمَيْنِ، وهُما اسمُهُ تَعَالى: «العَليمُ الْحَكيمُ». ،واتَّخَذَ ذَلِكَ ذِكراً في خَلوَتِهِ تَفَجَّرَتْ يَنابيعُ الحِكمَةِ مِن قَلْبِهِ عَلَى لِسانِه، حتى يَصيرَ يَنطِقُ بِها مِن غَيرِ كُلفَةٍ ولا عُسر.
ومَن وَفَّقَ أَعدادَهُما في مُسَدَّسٍ في يَومِ الجُمعَةِ أَوَّلَ جُمعَةٍ في الشَهر في رِقِّ ظَبْيٍ، ونَجَّمَهُ سَبْعَ لَيالٍ، وحَمَلَهُ مَعَهُ فَتَقَ اللهُ فَهْمَه، وأحاطَ بِكُلِّ العُلُومِ مِنْ غَيرِ تَعَب.
ومَن واظَبَ عَلَى ذِكرِ اسْمِهِ تَعَالى " عَلّامُ الغُيوبِ " أَربَعِيْنَيَوماً لا يَأكُلُ فيها رُوْحَاً ولا يَقرَبُ النِساءَ، فإنَّهُ يَطَّلِعُ عَلَى أَحوالِ النّاس، ويَرى ما هُوَ غائِبٌ عَن حِسِّ غَيرِه، ومَن داوَمَ عَلَيْهِ شاهَدَ عَجائِبَ الكَونَينِ وغَرائِبَ الْمَلَكُوتَيْن، وَلَمْ يَبْقَ في عَصْرِهِ مِثلُهُ: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الجمعة، الآية: 4]
وأَمَّا أَسْمَاؤُهُ تَعَالى: «الدائِمُ القَديمُ الأَزَلِيُّ». فَذاكِرُها يُرضيهِ اللهُ بما هُوَ فيهِ مِن عُسرٍ ويُسر، ويُعطيهِ حَظّاً عَظيماً مِنَ القَناعَة، ويَنالُ مَرتَبَةَ الزُهد.
ومَن كانَ وَلِيَ أَمراً وَداوَمَ عَلَى اسمِهِ «الدائمُ». دامَ عَلَيْهِ مُلكُه، ولَم يَعصِهِ أَحَدٌ مِن جُنودِه.
وكَذَلِكَ إن وَفَّقَهُ عَدَدِيّاً أَو حَرفِيّاً في مُرَبَّعَيْن، أَحَدُهُما خَلفَ الآخَر، عَلَى فَصِّ خاتَمِ فِضَّة، وحَمَلَهُ فإنَّهُ يُعطى هذا السِرَّ العَظيم.
ومَن ذَكَرَ هَذِهِ الأسماءَ العَظيمَةَ دُبُرَ الصَّلَواتِ الخَمس، وداوَمَ عَلَيها، أمَّنَهُ اللهُ تَعَالى في ذُرِّيَتِهِ إلى يومِ القِيامَة، وهذا سِرٌّ مُتَّحِدٌ إلى مَا لا نِهايَةَ لَه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الواحِدُ الأَحَدُ». فتَوحيدٌ عَظيم. وذاكِرُهُما يُحَبِّبُ اللهُ تَعَالى إليهِ الإيمان، ويُبَغِّضُهُ في المعاصي والفُسُوقِ والعِصيان، ويُؤَيِّدُهُ بِروحٍ مِنه، وإن كانَ في ضِيقٍ مِن ظَالِمٍ أو سِجْنٍ، أو غَيرِ ذَلِك، ولازَمَ ذِكرَهُما نَجّاهُ اللهُ تَعَالى مِنه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الصَّمَد». فتَنزيهٌ جَليلٌ للمُرتاضين، إذا داوَموا عَلَيْهِ أَغناهُمُ اللهُ تَعَالى عَن الأَكلِ والشَراب، فإنَّ ذاكِرَهُ لا يُحِسُّ بأَلَمِ الجوعِ البَتَّةَ ما لم يُدخِل عَلَيْهِ غَيرَهُ مِنَ الأَسماء. وإن ذَكَرَتْهُ امرأةٌ لَم تَحمِل أَبداً ما دامَت عَلَى ذِكرِه.
قُلت: وقَد قالَ لي شَيْخُنا رَضِيَ اللهُ عَنهُ وأَرضاه "أنَّهُ كانَ في بِدايَةِ أَمرِهِ رُبَّما لازَمَه، وكانَ يَلبَثُ عَنِ الطَعامِ والشَرابِ إحدى وعِشرينَ لَيلَةً بِأيّامِها، ولَم تَضعُف لَهُ قُوَّةٌ حَتّى عَنِ النِّساء، ورُبَّما تَكونُ عِندَهُ أَربَعُ حَرائِرَ وعَدَدٌ مِنَ الإماء، وقائِمٌ بِحَقِّ الجميع".
قُلت: وهَذِهِ خاصِّيَّة لا عِلمَ لي بِأَحَدٍ مِنَ الأَوْلِيَاءِ أُكرِمَ بِها غَيرُهُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ وأَرضاه، وجُعِلَ في أَعْلَى الفِردَوْسِ مُتَقَلَّبُهُ ومَثواه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الفَرْدُ المَجيد». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ، ذاكِرُهُما يُرفَعُ قَدْرُه، ويُنشَرُ ذِكرُهُ وعِلمُهُ إن كانَ مِن ذَوي العُلوم.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «المُبْدِئُ المُعيد». فَمَنْ ذَكَرَهُما عِندَ سَفَرِهِ قَبلَ خُرُوجِهِ إلى السَّفَرِ مِن مَنزِلِه، رَدَّهُ اللهُ تَعَالى إلى ذَلِكَ المكانِ سالِماً بإذنِ الله. ومَن سُرِقَ لَهُ مال، أو ضاعَ لَهُ شَيء، أَو ضَلَّت لَهُ ضالَّة، ولازَمَ ذِكرَهُما رَدَّ اللهُ ما ضاعَ لَه. ومَن وَفَّقَ أَعدادَهُما عَلَى كاغِدٍ نَقِيّ، وَوَضَعَهُ في دارِهِ أوْ حاصِلِه، وسافَرَ لَم يُصِب ذَلِكَ المكانَ سُوءٌ ولا مَكرُوهٌ أبَدَاً، وإذا رَجَعَ وَجَدَهُ سَالِماً كَما خَلَّفَه. وأَسرارُ هَذِهِ الأسْماءِ لا يُحيطُ بِها أَحَدٌ إلاّ اللهُ تَعَالى.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «العَلِيُّ العَظيم». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ، ذاكِرُهُما لا يَزَالُ مُعَظَّماً مُوَقَّراً، عالِيَ القَدْرِ، مَرْفُوعَ الْهِمَّة، مَسْمُوعَ الكَلِمَة، يُحِبُّهُ كُلُّ النّاس، ويَتَّسِعُ رِزقُه، ويَنالُ مَقاصِدَه.
ومَن وَفَّقَهُما أَعداداً وحُروفاً في حَريرَةٍ بَيضاء، والقَمَرُ في شَرَفِه، وَحَمَلَهُ مَعَه، رَأى مِن لُطفِ اللهِ وتَعظيمِ النّاسِ لَهُ ما لَم يَعهَدْهُ ، ولا يَسألُ مِن أَحَدٍ حاجَةً إلَّا ويَقضِيها لَه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْجَميلُ». فَهُوَ اسْمٌ عَظيمٌ، يَصلُحُ أَن يُوَفَّقَ وتَحمِلُهُ العَروس، فإنَّهُ لا يُرى أَبْهَجَ مِنها ولا أَحسَن. ومَنِ اتَّخَذَهُ ذِكراً جَمَّلَهُ اللهُ تَعَالى بَينَ خَلقِه، فَيَكونُ حَسَنَ الخُلُقِ والْخَلْقِ جَميلَ الصِّفات.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الكَبيرُ الْمُتَعالِ». فَاسْمَانِ عَظِيْمَانِ، ذاكِرُهُما يَكسوهُ اللهُ تَعَالى البَهاءَ والوَقار، وتَعلُو هِمَّتُهُ وروحُه، وتَزكو نَفْسُه. ومَن وَفَّقَهُما في مُرَبَّعٍ عَلَى خاتَمٍ في شَرَفِ الشَّمس، وتَخَتَّمَ بِهِ، لا يَنْظُرُ إليهِ أَحَدٌ إلَّا أَحَبَّه، وإذا نَظَرَتْهُ أَعداؤُهُ أَلقى اللهُ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِم.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْجَلِيلُ». فذاكِرُهُ تَهابُهُ الجِنُّ والإِنْسُ والسِّباعُ والْهَوامُّ.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «النُّورُ البَهِيُّ». فما لازَمَ أَحَدٌ ذِكْرهُما إلَّا انبَسَطَ نورُ سِرِّهِما في قَلْبِه، وظَهَرَ عَلَى ظاهِرِه. ومَن اتَّخَذَ اسمَهُ تَعَالى «النّورُ». ذِكراً في غالِبِ أَوقاتِهِ نَوَّرَ اللهُ تَعَالى عَلَيْهِ ظاهِرَهُ وباطِنَه، ونَوَّرَ بَصَرَهُ وقَلْبَه.
ومَن وَفَّقَ أَعدادَهُ وهِيَ 246، وعَلَّقَها عَلَى مَن بِهِ مَرَضٌ عَظيم، أو ضَعْفٌ في عَينَيْه، يَبْرَأُ بإذنِ اللهِ تَعَالى، وتَبْرَأُ عِلَّتُهُ الباطِنَةُ والظاهِرة.
وأَمَّا أَسْمَاؤُهُ تَعَالى: «المُعِزُّ ذو الْجَلالِ والإكرامِ». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ عَظيمان، ذاكِرُهُما يَبسُطُ اللهُ تَعَالى هِمَّتَهُ في كُلِّ ما طَلَب، ويُلبِسُهُ اللهُ تَعَالى العِزَّ والْهَيبَةَ والوَقار.
ومَن ذَكرَهُما وهُوَ داخِلٌ عَلَى سُلطانٍ أَلقى اللهُ تَعَالى هَيْبَتَهُ في قَلبِ ذَلِكَ السُّلطانِ أو الحاكِم.
ومَن وَفَّقَ اسمَهُ تَعَالى «المُعِزُّ». في مُثَلَّثٍ عَلَى فَصٍّ مِنْ ياقوتٍ وتَخَتَّمَ بِه، فإنَّهُ يَنالُ عِزاً ورِفعَةً عِندَ سائِرِ الخِلق، وخُصُوصَاً الأكابِرَ يَنالُ مِنهُمُ حَظّاً وافِراً والسَّلام.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الغَنِيُّ الشَّكورُ». فَذاكِرُهُما يَرزُقُهُ اللهُ تَعَالى غِنىً في نَفْسِه، ويُلهِمُهُ الْحَمدَ والشُّكرَ عَلَى السَّراءِ والضَّراء.
ومَن داوَمَ عَلَى ذِكرِهِما، وكانَ في طَبعِ نَفْسِهِ شُحٌّ، أبدَلَهُ اللهُ تَعَالى بِالسَّخاءِ والسَّماحَة.
ومَن وَفَّقَ اسمَهُ تَعَالى «الغَنِيُّ». أَعداداً عَلَى صَحيفَةٍ مِن قَصدير، ثُمَّ جَعَلَها في الماءِ الذي يَشرَبُه، وَجَدَ في نَفْسِه غِنىً ورِضىً لَم يَكُن يَعهَدهُ قَبلَ ذَلِك.
ومَن وَفَّقَ اسمَهُ تَعَالى: «الشَّكور». أَظهَرَهُ اللهُ تَعَالى، وأَظهَرَ عَلَيْه صِفَةَ الْجَميل، وسَتَرَ مِنهُ القَبيحَ.
وأَمَّا أَسْمَاؤُهُ تَعَالى: «المُغْني الرَّزَّاقُ الفَتَّاحُ الكَافي». فذاكِرُهُم تَنزِلُ عَلَيْهِ البَرَكَة، ويَرزُقُهُ اللهُ مِن حَيْثُ لا يَحتَسِب، وتُيَسَّرُ لَهُ الأرزاقُ مِن كُلَّ جانِب. ولا يَذكُرُهُم أَحَدٌ عَلَى طَعامٍ أو شَرابٍ إلَّا وَظَهَرَت فيهِ البَرَكَةُ والزِيادَةُ التي لا يَسَعُ أَحَدٌ إنكارَها لِوُضوحِها. ومَنِ اتَّخَذَهُم ذِكراً عَقِبَ صَلَواتِهِ لا يَفتَقِرُ أبَداً. ومَن وَفَّقَ أَعدادَهُم مُشتَرِكَةً في مُرَبَّعٍ أَربَعَةً في أربَعَةٍ عَلَى حَريرٍ أَصفَر، وَوَضَعَهُ في صُندوقِ المالِ أو كيسِ الدَّراهِمِ، زكَى ذَلِكَ المالُ ونَما بِإذنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الحَسيبُ الوَكيل». فَاسْمَانِ عَظِيْمَانِ، ذاكِرُهُما يَكفيهِ اللهُ تَعَالى شَرَّ أعدائِه، وجَميعَ ما أَهَمَّهُ ومالَم يُهِمّه. ومَن سَطا عَلَيْهِ حاكِمٌ وذَكَرَهُما في السَّحَرِ بِأعدادِهِما، ثُمَّ يَقولُ بَعدَ ذَلِك "اللهُمَّ إنّي احتَسَبتُ بِك، وتَوَكَّلتُ عَلَيك، في أَمرِ فُلانِ بنِ فُلانِ بنِ فُلانةٍ، فاكفِنيهِ بِما شِئتَ، فإنَّهُ يُؤخَذُ لِوَقتِه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْمُعطِي الْمُقِيتُ». فَاسْمَانِ عَظِيْمَانِ، ذاكِرُهُما تَنبَجِسُ لَهُ العُيونُ عَنِ الرِّزق، وتَنفَجِرُ لَهُ أَنهارُ هذا العَيْش، فَيَحيى سَعيداً مَسروراً، ويَموتُ شَهيداً مَستوراً. ولا يَستَديمُ ذِكرُهُما مَن عَلَيْهِ دَيْن إلَّا وَفَّاهُ اللهُ عنهُ في أَسرَعِ وَقتٍ ومُدَّة.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْحَليمُ الرَّؤوفُ». فَاسْمَانِ عَظِيْمَانِ، لا يوجَدُ أَسرَعُ مِن سِرِّهِما في قَبولِ التَّوبَة، والعَفْوِ عَنِ الْخَطيئة. ولا يَذكُرُهُما مَن أَوثَقَتْهُ الذُّنوبُ إلَّا أَلْهَمَهُ اللهُ تَعَالى الإنابَةَ إليه، والعَفوَ عَمّا جَناهُ واقتَرَفَه، ويَقبَلُ اللهُ تَوبَتَه، ويَعصِمُهُ فيما بَقِيَ مِن عُمُرِه.
ومَن وَفَّقَ اسمَهُ تَعَالى «العَفُوُّ». أَعداداً في مُرَبَّعٍ وحَمَلَهُ مَعه، كانَت سَيِّئاتُهُ عِندَ النّاسِ بِمَنزِلَةِ الْحَسنات.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الوَدودُ الغَفور». فَاسْمَانِ جَلِيْلانِ، وذاكِرُهُما تَتَأَلَّفُ عَلَيْهِ القُلوبُ تَأليفاً عَظيماً بِالوِدِّ والْمَحَبَّةِ الشَّديدَة، ويُؤثِرونُهُ عَلَى أَنفُسِهِم، ومَن استَدامَ عَلَى ذِكرِهِما بُكرَةً وعَشِيّاً لا يَرى عَدُوّاً أبداً، وكُلُّ مَن رآهُ أَحَبَّهُ واشتَدَّ شَغَفُهُ بِه.
ومَن وَفَّقَهُما بِطريقِ التَّكسيرِ في رِقِّ ظَبْيٍ في يومِ الْجُمُعَةِ في زِيادَةِ القَمَر، وكَتَبَ حَولَ التَّكسيرِ قولَه تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً﴾، [آل عمران، من الآية: 103] وذَكَرَ الاسمَيْنِ الشَّرِيفينِ بَعدَهُما، وحَمَلَ الرِقَّ عَلَى عَضُدِهِ الأَيْمَن، ألقى اللهُ مَحَبَّتَهُ في قُلوبِ الإِنْسِ والجِنّ. ولا يوجَدُ أَسرَع مِن سِرِّهِما في قَبولِ التَّوبَةِ أَيضاً.
ويُقالُ أنَّ اسمَهُ تَعَالى «الوَدودُ». هُوَ الاسمُ الْمُشارُ إلَيهِ كَما في قِصَّةِ التَّاجِرِ واللِّص، أنَّهُ قالَ في دُعائِه: «يا وَدودُ» (ثَلاثَ مَرّات) «يا ذا العَرشِ الْمَجيد، يَا فَعالٌ لِمَا يُرِيد» فأغاثَهُ اللهُ بِمَلَكٍ مِنَ الملائِكَةِ عَلَى فَرَسٍ وبِيَدِهِ حَربَةٌ فَقتَلَ ذَلِكَ اللِّصَّ، وهَذِهِ قِصَّةٌ مَشهورةٌ. وَهِيَ قِصّةُ أبِي الْمُعَلَّق رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْحَنّانُ». فذاكِرُهُ يَقذِفُ اللهُ تَعَالى مَحَبَّتَهُ في قَلبِ كُلِّ مَن رَآه، ويُعَطِّفُ عَلَيْه القُلوبَ القاسِيَة. وإذا كُتِبَ مِائَةً وأربَعينَ مَرَّةً في إناءٍ طاهِر، ومُحِيَ بِبَياضِ البَيْض، ويُطلى بِهِ مَن وَقَعَ في النارِ بَرِيءَ في الوَقْت. وذِكرُهُ يُذهِبُ الأَمراضَ الحارَّة.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «اللَّطيف». اسْمٌ جَلِيْلٌ سَريعُ الإجابَةِ والأَفْعَال، نافِذُ السِرِّ في تَفريجِ الكَرب، ما ذَكَرَهُ أَحَدٌ وهُوَ في شِدَةٍ إلَّا شاهَدَ اضمِحلالَها. ومَنِ استَدامَ ذِكرَهُ جَعَلَ اللهُ لَهُ مِمَّا كُتِبَ عَلَيْهِ مِنَ الأُمورِ الشَّديدَةِ مَنأَىً ما وهَذا يُسَمَّى اللُّطفُ الْخَفِيُّ لِخَفائِهِ عَن مَدارِكِ العُقول، وأَقَلُّ ما يَكونُ ذِكرِهُ مِائَةً وسِتّونَ مَرَّة. ومَن وَفَّقَهُ عَدَداً «وهُوَ العَدَدُ المذكور». في مُرَبَّعٍ أَربَعَةً في أَربَعَةٍ في كاغِدٍ نَقِيّ، وحَمَلَهُ مَعَهُ أو عَلَى خاتَمٍ مِن عَقيقٍ وتَخَتَّمَ بِهِ، كانَ مَلطوفاً بِهِ في جَميعِ أَمورِهِ الظّاهِرَةِ والباطِنَة.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْحَفيظ». فإنَّهُ اسمٌ عَظيم، وذاكِرهُ يَحفَظُهُ اللهُ مِن كُلِّ مَكروهٍ في لَيلِهِ ونَهارِه، ونَومِهِ وَيَقَظَتِه، وإن تَصَوَّرَ الذّاكِرُ حالَةَ الذِّكرِ مَدينَةً أو مَنزِلاً أو أهلاً أو غَيْرَ ذَلِكَ حَفِظَهُ اللهُ تَعَالى. ومَن وَفَّقَ أعدادَهُ وحُروفَهُ في مُرَبَّعٍ واحِدٍ عَلَى خاتَمٍ مِن فِضَّة، وتَخَتَّمَ بِهِ لَم يَضُرَّهُ شَيءٌ مِنَ الجِنِّ والإِنْسِ والْهَوامِّ وغَيْرِ ذَلِك.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الرَّقيب». فَسِرٌّ عَظيمٌ في وَجَلِ القُلوبِ وخُضوعِها. ذاكِرُهُ يُلازِمُهُ الْحَياءُ مِن مَوْلاهُ عَزَّ وَجَلَّ، والأَدَبُ في السِّرِّ والعَلَن، والظاهِرِ والباطِن.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «البَرُّ» ، فَسِرٌّ عَظيم، ذاكِرُهُ تَنزِلُ عَلَيْهِ البَرَكات، وتَتَواصَلُ عَلَيْهِ الْخَيْراتُ، وإمدادُ الإحسانِ إليهِ عَلَى يَدِ خَلْقِهِ مِن فَضلِ الله.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الشّافي». فَاسْمٌ عَظِيمٌ، سَريعُ التَأثيرِ في ذَهابِ الأَسْقامِ وزَوالِ العِلَلِ والآلام. ذاكِرُهُ يَشفيهِ اللهُ تَعَالى مِن كُلِّ داء، ويُعافيهِ مِن كُلِّ بَلاء، ويُبريهِ مِن كُلِّ سَقَم، ولا تَطرُقُ العِلَلُ جَسَدَهُ ما دامَ ذاكِراً لَه.
ومَن ذَكَرَهُ عِندَ مَريضٍ أَربَعَمِائَةٍ واثنَيْنِ وعِشرينَ مَرَّةً بَعدَ قِراءَةِ الفاتِحَة «سَبعَ مَرّات».، ويَقول: "اللَّهُمَّ اشْفِ أَنتَ الشّافي، لا شِفاءَ إلَّا شِفَاؤُك، شِفاءً لا يُغادِرُ سَقَمَاً ولا ألَماً"، فإنَّ ذَلِكَ المريضَ يُشفَى بإذنِ اللهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالى،
وحَكى البُونِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: أنَّهُ أَمَرَ بِهِ شَخصاً ابتُلِيَ بِالجُذام، فَلَم يَلبَثْ إلَّا خَمسَةَ عَشَرَ يَوماً ثُمَّ شُفِيَ كَأَنَّهُ نَشَطَ مِن عِقال.
ومَن وَفَّقَ أَعدادَهُ المذكُورَة في مُرَبَّعٍ في إناءٍ طاهِرٍ، ومَحاهُ بِماءِ زَمزَمَ، أوْ مَاءِ الْمَطَر، وسَقى مِنهُ عَليلاً ثلاثَةَ أَيّامٍ مُتَوالِياتٍ عَلَى الرّيق، شَفاهُ اللهُ مِن سَقَمِه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «القَهّارُ الشَّديد». فذاكِرُهُما غالِبٌ حَيْثُما تَوَجَّه، شَديدُ البَأس، عَظيمُ الْمَوَدَّة. ومَن وَفَّقَهُما مُكَسَّرين في مُرَبَّعٍ ثَمانِيَةً في ثَمانَيِةٍ عَلَى أَديمٍ طاهِر، وشَدَّهُ عَلَى عَضُدِهِ الأَيمَن، فَلا يُخاصِمُهُ أَحَدٌ إلَّا وكانَ مَغلوباً مَقهوراً، والذاكِرُ مُؤيَّداً مَنصوراً. ومَن وَفَّقَ أعدادَهُما في مُخَمَّس، وحَمَلَهُ عَلَى رأسِهِ بَيْنِ عَيْنَيْهِ أو مِن تِلقاءِ وَجْهِه، ألقى اللهُ تَعَالى هَيبَتَهُ في قُلوبِ النّاظِرين.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْمُذِلُّ المُنتَقِمُ». فَاسْمَانِ عَظِيْمَانِ لِخَرابِ دِيارِ الظّالِمين، وَوُقوعِ القِتالِ بَينَهُم، والوَبالِ عَلَى أَعداءِ اللهِ الكافِرين.
ومَن ذَكَرَهُما بَعدَ صَلاةِ الشُّروقِ يَومَ السَّبت، عَدَدَ الأعدادِ الواقِعَةِ عَلَيهِما، ثُمَّ دَعا عَلَى ظالِمٍ عَقِبَ الذِّكر، أُخِذَ لِوَقتِه. وكَذَلِكَ إنْ تَصَوَّرَهُ حالَةَ الذِكر ولَم يَدعُ اللهَ شيئاً، فإنَّ اللهَ تَعَالى يَنتَقِمُ لَهُ مِمَّن ظَلَمَه.
ومَن كَتَبَ حُرُوفَهُما مُقَطَّعَةً عَلَى بابِ دارِ حاكِمٍ جائِرٍ أو ظالِمٍ يومَ السَّبت، ويَكونُ القَمَرُ في الْمُحاق، فإنَّ ذَلِكَ الظالِمَ يُعزَلُ عَن مَنصِبِهِ ولا يَعودُ إليهِ أبَداً.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «المُمِيْتُ». فذاكِرُهُ تَمُوتُ شَهَواتُ نَفْسِه، وتُنْزَعُ عَنهُ ثِيابُ الكِبْرِ والعُجب. ومَن ذَكَرَهُ عَلَى واحِدٍ وعِشرينَ وخِمسِمِائَةٍ مِن نَواةٍ مِنَ التَّمر، كُلَّ واحِدَةٍ سَتَّ مَرّات، وصَوَّرَ ذَلِكَ النَّوَى صَورَةَ شَخص، ويَقول: "هَذا فُلان"، ويُصَلِّي عَلَى ذَلِكَ الشَّخصِ صَلاةَ الجَنازَة، فإنَّ ذَلِكَ يَموتُ عاجِلاً بإذنِ اللهِ تَعَالى، وهُوَ مِنَ الأَسْرارِ العَجيبَة. ولا يَكتُبُهُ أَحَدٌ مُوَفَّقاً مُكَسَّراً عَلَى شَبٍّ أَزرَق، وحَمَلَهُ صاحِبُ الطِّحالِ إلَّا بَرِئَ بَعدَ ثَلاثَةِ أيّام.
وأَمَّا أَسْمَاؤُهُ تَعَالى: «القائِمُ القَوِيُّ القادِرُ». فذاكِرُهُم تَقوى جَوارِحُهُ الظاهِرَة، وعوالِمُهُ الباطِنِيَّة، ويُعطى قُوَّةً عَظيمَة، خُصُوصاً مَن كانَ يُعانِيَ الأَثقالَ والحِرَفَ الشَّديدَة، ولا يَرى أَلَمَ التَّعَب. ومَن وَفَّقَهُم أعداداً في مُرَبَّعٍ، وشَدَّهُ عَلَى وِركِهِ، فإنَّهُ لا يَعيا أبَداً، ومَنْ وَفَّقَهُم أعداداً عَلَى خاتَمٍ مِن فِضَّة، وتَخَتَّمَ بِه، أعانَهُ اللهُ عَلَى حَملِ الأَثقالِ مِن غَيْرِ تَكَلُّف.
وأَمَّا أَسْمَاؤُهُ تَعَالى: «ذو البَطشِ الشَّديدُ المُقتَدِرُ». فلا يَذكُرُهُم مَظلوم، إلَّا أَخَذَ اللهُ ظالِمَهُ أَخَذَ عَزيزٍ مُقتَدِر، وقِسْ عَلَى هَذا النَّمَطِ ما تُريد.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْمُنعِمُ الْمُتَفَضِّلُ». فَاسْمَانِ عَظِيْمَانِ، لا يَسأل اللهَ تَعَالى ذاكِرهُما في شَيءٍ مِنَ الإنْعامِ والفَضْل، إلَّا أَعطاهُ إيّاه، وأَوصَلَهُ فَضلَه، حَتّى يُعطيه فَوقَ ما سَأَلَ ومَا يَخطُرُ بِبالِهِ، واللهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدير.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْمُحْسِنُ الْجَوَّاد». فذاكِرُهُما يُمِدُّهُ اللهُ تَعَالى مِن جُودِهِ وإحسانِهِ بِما لا نِهايَةَ لَهُ مِن كَثرَةِ الْخَيْر، وتَواصُلِ الأسرار. ومَن وَفَّقَهُما مُكَسَّرَيْنِ في كاغِدٍ نَقِيّ، وحَمَلَهُ مَعَه، حَسُنَت أَخلاقُه، ورَقَّت طِباعُه، وجادَت نَفْسُه. ويَصلُحُ أنْ يَكُونَ ذِكراً لِمَن وَجَدَ في نَفْسِهِ شُحّاً وبُخلاً، فإنَّ نَفْسَهُ تَزكو، ويُرزَقُ مَكارِمَ الأخلاق.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الرّافِعُ الباسِطُ». فَاسْمَانِ عَظِيْمَانِ، وهُما مِن أَذكارِ مَلائِكَةِ العَرشِ، وذاكِرُهُما يُمِدُّهُ اللهُ تَعَالى بِمَدَدِه، ويَزيدُهُ في العِلْمِ والجِسم، ويَرفَعُ قَدْرَهُ وذِكرَه. ومِن وَفَّقَهُما أعداداً في مُرَبَّعٍ أربَعَةً في أربَعَةٍ عَلَى خاتَمٍ مِن ذَهَب، وتَخَتَّمَ بِهِ لا يَزالُ فَرِحاً مَسروراً، ولا يرى مَكروهاً ما دام مَعَه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْمُجيبُ السَّميعُ». فَاسْمَانِ عَظِيْمَانِ، ذاكِرُهُما لا يَدعُو اللهَ تَعَالى في شَيءٍ إلَّا أجابَهُ في الوَقْت، خُصوصاً إذا سَأَلَهُ بِهِما.
ومَن كَتَبَ في يَدِهِ اليُسرى اسمَهُ تَعَالى «الْمُجيبُ »، وفي اليُمْنَى اسْمَهُ تَعَالى: «السَّميعُ» ورَفَعَهُما إلى السَّماء، ودَعا اللهَ بِما شَاءَ استُجيبَ لَهُ في الوَقْت، وهَذا النَّمَطُ سَريعُ السُّرورِ والبَرَكَة، وفيهِ مِنَ الأَسرارِ والْخَواصِّ مَا لاَ يَنْبَغِي كَشْفُه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْحَقُّ». فَاسْمٌ جَلِيْلٌ، ذاكِرُهُ يُوَفِّقُهُ اللهُ إلى ما يُرِيدُه، ويَجْعَلُهُ تابِعاً للحَقِّ في كُلِّ شَيء. ومَن وَفَّقَ أَعدادَه «وهِيَ تِسعَةٌ وثَلاثونَ ومِائَة». في مُرَبَّعٍ أَربَعَةً في أَربَعَةٍ، وحَمَلَهُ مَعَه، فلا يَدْخُلُ حامِلُهُ عَلَى حاكِمٍ إلَّا كانَ مَنصوراً عَلَى خَصمِه.
وأَمَّا أَسْمَاؤُهُ تَعَالى: «الْمُبينُ الْخَبيرُ الْهادي». فَأسْماءٌ جَلِيلَةٌ، لا يَذكُرُهُم أَحَدٌ أَلفَ مَرَّةٍ عِندَ نَومِه، وهُوَ ناوِي كَشْفَ شَيءٍ مِنَ الأَشياءِ الفِعلِيَّةِ والقَولِيَّةِ، إلَّا أراهُ اللهُ تَعَالى ذَلِكَ في مَنَامِهِ عَلَى يَدِ مَلَكٍ مِنَ الملائِكَة، ويَقولُ عَقِبَ كُلِّ مِائَةٍ: "بَيِّن لي يا مُبين، خَبِّرني يا خَبير، اهدِني يا هادي"، ثُمَّ يَعودُ إلى قراءَةِ الأَسماءِ إلى أَن يَغلِبَ عَلَيْهِ النَّوم، فإنَّهُ يَرى في مَنامِهِ ما يُرِيدُ بإذن الله تَعَالى، فإنْ لَمْ يَرَ شَيئاً، فَليُكَرِّر العَمَلَ ثَانِياً، ولا يَقولُ: "فَعَلْتُ ولَمْ يَصِحَّ"، فإنَّهُ يَأثَم.
ومَن كَتَبَهُم في إِنَاءٍ طَاهِرٍ، ومَحاهُم بِعَسَلٍ ومَاءِ وَرد، ولَعَقَ مِنَ العَسَلِ كُلَّ يَومٍ ثَلاثَ لَعقَاتٍ عَلَى الرّيقِ، سَبعَةَ أيّامٍ مُتَوالِيَة، فإنَّ اللهَ يُؤْتِيْهِ الحِكْمَةَ، ويُعْطِيهِ مِنَ العُلُومِ اللَّدُنِّيَّةِ مَا لاَ يَصِلُ إليهِ أَهلُ زَمَانِه.
وأَمَّا اسْمُهُ تَعَالى: «الْحَيُّ القَيُّومُ». فَاسْمَانِ عَظِيْمَانِ، ذاكِرُهُما يَرى النّورَ المُتَّصِلَ مِن أَسرارِهِما عَياناً، ويُحْيِي اللهُ قَلْبَه، ويُنعِشُ رُوْحَه، ويُدْنِيهِ مِنْ حَضرَتِه، ويُجيبُ دُعَاءَه.
ومَن وَفَّقَهُما أعداداً في مُرَبَّعِهِما الْمَعروف، (وهُوَ مُرَبَّعٌ عَشرَةٌ في عَشرَةٍ في التَكسيرِ، وأربَعَةٌُ في أَربَعَةٍ في تَنزيل الأَعداد)، وحَمَلَهُ مَعَه، أَحْيَا اللهُ قَلْبَهُ، ورَزَقَه، وأقامَهُ في الطّاعات.
وأَمَّا أَسْمَاؤُهُ تَعَالى: «الأوَّلُ والآخِرُ والظّاهِرُ والباطِنُ». فَأسْماءٌ جَلِيلَةٌ، مِن سِرِّ مَدَدِهِم حِفظُ الْجَوارِحِ للذّاكِر، والأَمانُ مِنَ الوَبالِ والنِّفاقِ والكِبَرِ والعُجب. ومَن ذَكَرَ اسمَهُ تَعَالى «الأوَّلُ». عِندَ ابتِداءِ عَمَلٍ مِنَ الأَعمال، كانَت عاقِبَتُهُ مَحمودَة. ومَن نَقَشَ الأَسماءَ الأَربَعَةَ عَلَى صَحيفَةٍ مِن قَصديرٍ في شَرَفِ الشَّمس، وصَوَّرَ في باطِنِهِم سَمَكَة، وطَرَحَها في البَحرِ أو النَهر، اجتَمَعَ عَلَيْهِ السَّمَكُ مِن كُلِّ جانِب، حَتّى يَصيرَ يُمسَكُ بِاليَد.
وهَذا النَّمَط الْجَلِيلُ مَن ذَكَرَهُ لَيْلاً ونَهاراً ، مُدَّةَ أَربعينِ يَوماً دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ صارَ فرداً مِنَ الأَفراد، ويُقَيِّضُ اللهُ لَهُ الخَضِرَ عَلَيْهِ السَّلام يُعَلِّمُهُ ما شَاءَ أن يُعَلِّمَه، ويَصيرُ روحانياً واصِلاً إلى الحِضرَةِ القُدْسِيَّة، شَاهِداً أَنوارَ الجَمالِ وعَجائِبَ المَلَكوتِ الأَعَلَى ومَقاماتِ الملائِكَة، فَاعرِف قَدْرَه، وأَكرِم ذِكرَه.
والحَمدُ للهِ الذي هَدانا لِهَذا، وما كُنّا لِنَهتَدِيَ لَولا أن هَدانا الله، لَقَد جاءَت رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ.
ومَن أَرادَ استيفاءَ الكَلامِ عَلَى بَقِيَّةِ الأَسماء، فعَلَيْهِ بِكِتابِنا "إبرازُ اللآلِئِ الْمَكنوناتِ في الأَسماءِ الظاهِرَةِ والمُضمَرات"، أو شَرحِنا لِزرعِ المُسَمّى بــــ "فاتِقُ الرَّتقِ". وهَذِهِ فَوائِدٌ لأَهلِ النِّهايات، وتُفيدُ أَهلَ البِدايات.
الشيخ محمد سيد طنطاوى- المساهمات : 130
تاريخ التسجيل : 29/08/2013
رد: فِي خَوَاصِّ أسْمَاْءِ اللهِ الحُسْنَى الشيخ الروحانى محمد سيد طنطاوى 00201223346354
{... بارك الله لك على الطرح الطيب
وجزاك الخير كله .. اثابك ورفع من قدرك
ووفقك الله لمايحبه ويرضاه ...}
وجزاك الخير كله .. اثابك ورفع من قدرك
ووفقك الله لمايحبه ويرضاه ...}
شادى على- المساهمات : 140
تاريخ التسجيل : 30/08/2013
مواضيع مماثلة
» مقدمة فِي خَوَاصِّ سُوَرِ الْقُرْآنِ الكَرِيمِ الشيخ الروحانى محمد سيد طنطاوى لجلب الغائب 00201223346354
» الشيخ الروحانى محمد سيد طنطاوى 00201223346354
» الشيخ الروحانى محمد سيد طنطاوى لرد المطلقه 00201223346354
» الشيخ الروحانى محمد سيد طنطاوى لعلاج العقم 00201223346354
» معنى رقم 5 في الحلم الشيخ الروحانى محمد سيد طنطاوى 00201223346354
» الشيخ الروحانى محمد سيد طنطاوى 00201223346354
» الشيخ الروحانى محمد سيد طنطاوى لرد المطلقه 00201223346354
» الشيخ الروحانى محمد سيد طنطاوى لعلاج العقم 00201223346354
» معنى رقم 5 في الحلم الشيخ الروحانى محمد سيد طنطاوى 00201223346354
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى